BLOG
10.02.2024 - المكوّن التركماني في المشرق العربي بلا حقوق
Suriyeli Türkmenler

 

 

 

 
 
 
 
 
دراسة : المكوّن التركماني في المشرق العربي بلا حقوق رغم تاريخهم الحافل
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
طبيب-باحث في الشان التركي وأوراسيا
 
 قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏تحتوي على النص ´‏دراسة المكوّن التركماني في المشرق العربي باد حقوق رغم تاريخهم الحافل الد کتور مختار فاتح بي ديلي طبيب باحث في الشأن التركي وأوراسيا سیا‏´‏‏
التركمان هم إحدى القبائل التركية التي قدمت من اواسط آسيا موطنهم الأصلي تركمانيا ومنطقة ألتاي في سيبريا حيث سكن أوائل التركمان القدامى وينتشرون الان في شمال شرق إيران وشمال غرب أفغانستان، وتنتشر في شمال القوقاز الروسية في منطقة ستافروبولسكي كيراي، بينما يوجد الشعب التركماني في العديد من بلدان العالم، بما في ذلك العراق وسوريا ولبنان وفلسطين والاردن ودول عربية شمال أفريقيا مصر ليبيا تونس والجزائر ، ويوجد التركمان الغربيون في العديد من البلدان الغربية ويحتفظون بعلاقة وثيقة مع الشعب التركي في الاناضول.
يرى المؤرخ بارتولد أن التركمان استوطنوا الأرضية الشاسعة الممتدة من هضبة منغوليا وشمالي الصين شرقاً إلی بحر الخزر غرباً، ومن السهول السيبيرية شمالاً إلی شبه القارة الهندية وبلاد فارس جنوباً وكان لهذا التوجه أثرا كبيرا في تغير لهجتهم وبنيانهم وملامحهم؛ ولذلك تفرقوا في عدة دول مجاورة مثل: فارس (إيران الحالية) وخوارزم وبخارى وأفغانستان في القرن الثامن عشر الميلادي وبلاد مابين النهرين وبلاد الشام وشمال أفريقيا.
حيث استوطنت قبائل الغز (الاوغوز) الكبری تلك المناطق وعُرفوا بالترك أو الأتراك، ثم تحركت هذه القبائل في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي من موطنها الأصلي نحو آسيا الصغری في هجرات ضخمة ونزلت بالقرب من شواطئ نهر جيحون، ثم استقرت في طبرستان وجرجان، ومن هذه الركيزة التاريخية يمكن استنباط أن التركمان فقدوا عنصر التأثير عبر الاجتماع البشري بسبب عدم الاستقرار والهجرات الضخمة التي قاموا بها.
إلى جانب هذا فما من شك أن القبائل التركمانية لعبت دوراً مهماً في تاريخ آسيا على مدار ألف عام خلت، واصطدمت بالقوى السياسية والعسكرية الكبرى فى تلك المنطقة وتداخل تاريخها مع تاريخ شعوب هذا الحيز البشري الهائل، ومن ثم ذاب التركمان في الثقافة والسياسة والاجتماع؛ ما أهّلهم ليكونوا منحدرا لكثير من سلاسل الحكام مثل: السلاجقة وقره قوينلو وآق قوينلوفي العراق، والدولة الصفوية (1501 – 1736م) والدولة الأفشارية (1736 ـ 1796م) والدولة القاجارية (1785 – 1925م) في إيران.
وعندما نزح التركمانيون من جبال ألتاي وسهول منغوليا إلى المنطقة الواقعة حاليا في محافظات: (خراسان رضوي ـ خراسان شمالي ـ غُلستان) في بلاد فارس انخرطوا بشكل سريع مع المجتمع حتى إنهم اعتنقوا الدين الإسلامي . واللافت أن التركمانيين لم يتحولوا إلى التشيع على غرار أغلب الفرس، ومن تلك الركيزة يمكن الانطلاق إلى أن الجنس التركماني عصي على التغيير، خاصة فيما يتعلق بالسمات الحضارية والعقدية، فقد قبل التركمان الدين الإسلامي لكنهم لم يأخذوا لغة الإسلام وهي: العربية، شأنهم في ذلك شأن التجمعات العرقية العظمى في تاريخ الحضارة الإسلامية: الترك ـ الفرس ـ الكرد، على العكس تماما من الأجناس التي أخذت العربية ولم تأخذ الإسلام مثل مسيحي الدول الإسلامية أو الموارنة في لبنان باعتبارهم مثال بارز على عدم الخلط بين اللغة والدين.
وبالرغم من أن التركمان فرع عن الترك إلا أن بعضا من الذين تناولوا هذه القومية بالدرس والبحث خلطوا بين التركمان والأتراك الحاليين وكذلك خلطوا بين اللغتين التركية والتركمانية، فبينما حافظت اللغة التركمانية على ما نسبته 40% من المفردات العربية أدخلت إلى اللغة التركية، بعد تأسيس الجمهورية التركية الحديثة عام 1924م، كثير من المفردات الإنجليزية والفرنسية بدلا من المفردات العربية، ولأن التركمان ما يزالون يكتبون لغتهم بحروف عربية بينما يكتب الأتراك لغتهم بالحروف اللاتينية؛ فمن المنطقي أن تعتبر الطريقة التركمانية في الكتابة والقراءة لغة مستقلة عن التركية.
يتحدث الشعب التركماني باللغة التركمانية، وهي إحدى اللغات التركية المشتقة من اللغة الألطية. يتم تصنيفهم كجزء من الفرع الغربي لعائلة اللغات التركية. هناك اختلاف بين اللهجات العربية والعراقية والسورية. تحتفظ اللهجة التركمانية بعدد كبير من المفردات العربية، وقد تأثرت باللغة التركية بعد تأسيس الجمهورية التركية.
والفرق بين التركمان والأتراك هو كالفرق بين العدنان والقحطان أصل العرب، يتحدث الشعب التركماني باللغة التركمانية، وهي إحدى اللغات التركية المشتقة من اللغة الألطية، يصنّف العلماء اللغة (التركيّة) عموماً إلى لهجتين أساسيّتين هما: (الأوغوزيّة - الجغتائيّة)، وتتكلّم القبائل المنحدرة من فرع الأوغوز والتي هي: (القبائل التركمانيّة والأذربيجانيّة وأتراك بالان وأتراك الأناضول وأتراك البلقان) باللهجة الأوغوزيّة. يتم تصنيفهم كجزء من الفرع الغربي لعائلة اللغات التركية.
عمد اللغويون في القرن التاسع عشر إلى تقسيم اللغات إلى مجموعات أو أسر كبرى، يتفرع أسفل كلّ منها لغات أخرى، وأهم هذه المجموعات الكبرى، هي المجموعة الهندية الأوروبية، ومن أمثلتها؛ اللغة الكردية، وكذلك المجموعة الساميّة الحاميّة، ومن أمثلتها؛ العربية.وأمّا المجموعة الثالثة، فهي المجموعة الطورانية، ويمكن أن نعتبر تقسيم المجموعة الطورانية، قد تم بناءًا على الجغرافيا، وليس على الروابط اللغوية، مما يعني أن هذه المجموعة، قد تربط أكثر من لغة، في منطقة واحدة، ولا يشترط في هذه اللغات أن تحوي تشابهًا، وهذه المجموعة تختص بالأقوام المقيمة في إقليم آسيا الوسطى، بشكل عام، و(الترك أو التركمان) من الأقوام الطورانية .
هناك اختلاف بسيط بين اللهجات في مناطق مختلفة حيث تحتفظ اللهجة التركمانية بعدد كبير من المفردات العربية، وقد تأثرت باللغة التركية بعد تأسيس الجمهورية التركية. أمّا الاختلاف اللغوي بينهما هو كاختلاف اللهجة العربيّة العراقيّة واللهجة العربيّة السوريّة، (ما زالت اللهجة التركمانيّة تحتفظ بنسبة 40٪ من المفردات العربيّة، بخلاف اللهجة التركيّة التي أدخلت إليها بعد تأسيس الجمهوريّة التركيّة، المفردات الإنكليزيّة والفرنسيّة بنسبة أكثر من 30٪ بدلاً من المفردات العربيّة).
أمّا الفروع الأخرى مثل: (قزاق، قرغيز، أوزبك، التاي، نوغاي، سالار، أويغور ...) فإنّ اللهجة الجغتائيّة هي الشائعة بينها، ويمكن لأفراد كلّ مجموعةٍ من المجموعتين التفاهم فيما بينها بسهولة، رغم وجود اختلافات تتعلّق بأسلوب االتعبير واستعمال المفردات الداخلة فيها من اللغات المحلّيةوالناجمة عن الاختلاط بالأقوام الأخرى. بينما يصعب التفاهم ما بين أفراد المجموعتين إلى الحد الذي قد تدعو الحاجة معه إلى وجود مترجمٍ يتولّى الترجمة من التركيّة إلى التركيّة، حيث إنّ الهوّة بين اللهجتين أصبحت واسعة بسبب التغييرات والتحويرات التي طرأت على التركيّة الحديثة من جهة، وانقطاع صلتها باللهجة إلى الجغتائيّة من جرّاء بقاء المتكلّمين بها خلف الستار الحديدي من جهةٍ أخرى، وقد فرضت على مجموعاتها استخدام حروف تختلف من مجموعة إلى أخرى لأغراض سياسيّة اتّبعها الاتحاد السوفياتي مع الأتراك المسلمين بهدف التفريق بين مجموعاتهم.وعلى أيّ حالٍ فإنّ أصل اللغة واحدٌ، وألفاظها حتى في الأبعد تدلّ على أنّ الأصل واحدٌ.
لنستعرض ثلاثة مناهج لبيان الكلام حول المصطلحين، الأول هو اللفظي، والثاني هو الهجرة، والثالث هو الواقعي. فوِفق النهج اللفظي يمكن استعراض أهم الآراء التي توضح لنا الإختلاف بين المصطلحين، مع العلم أنّه لا يمكن الوصول إلى آيٍّ منها باليقين القاطع؛ بسبب منطقية كل منها، ووجود العديد من الأدلة كذلك على أيّ منها. أولها؛ أن الكلمة الأصل هي )الترك أو الأتراك)، وأن التركمان هي تابعة لها، فنسب البعض الثانية لمن أسلم من الترك، والثاني أن لفظ التركمان متعلق بإحدى جماعات الترك عمومًا، والتي تنقّلت إلى مواطن أخرى قبل غيرها؛ فكان من تنقّل من الترك أطلق عليهم التركمان.
والثالث يعني أن الزائدة (من_مان ) تتعلق بإحدى اللهجات التركية فتعني ضميرًا للمتكلم "أنا التركي"، أو أنها لاحقة تتعلق بإحدى لغات الأقوام المحيطة بالترك، وهم الفرس الذين أطلقوا هذا اللفظ بلغتهم على غيرهم من جاورهم من القبائل التركية لقب "أشباه الأتراك"، أي التركي الشبيه بالفارسي، وليس التركي الكامل، فهو يحوي تعددًا في خصاله، وهي بالفارسية تركمانند، وتم تصحيفها فيما بعد إلى تركمان. وكما ترون فإن الإختلاف بقي في إطار اللفظ، ولم يتعداه إلى المعنى، فلا اختلاف جوهري بين المصطلحين، وكلاهما تابع لعرق واحد وملتصق به.
وأمّا النهج المتعلق بالهجرة، فنقول إن ثمة قبائل من هذه الأقوام قد أخذت على عاتقها التوجه إلى هضبة الأناضول وأوروبا (خط الهجرة الأول)، وهذه الهجرة لا تتعلق بعصر من العصور بل هي ممتدة إلى ما قبل الإسلام، بعدّة قرون، وحتى بعده إلى القرن الثالث عشر الميلادي بعد توطينهم في الأناضول والبلقان، فالقبائل التي هاجرت إلى هذا الخط تحديدًا هي من القبائل التي تسمت بالأتراك أو الترك، وهذا الخط العام الذي رسم أغلب التوجهات القديمة لهذه الأقوام.وأمّا خط الهجرة الثاني، فهو الذي توجهت به إلى العالم العربي، من نواحي إيران وحتى العراق وسوريا، ولبنان، وفلسطين -بالدرجة الاولى عن سائر العالم العربي-، وهؤلاء قد ارتبط اسمهم بالعالم الإسلامي، وهم التركمان.
ويتم القول أن كلمة “تركمان” ظهرت في القرن الرابع الهجري، وتم إطلاقها على قبائل الأوغوز. واستخدمت هذه الكلمة لأول مرة في كتاب (أحسن التقاسيم)، ثم استخدمت في كثير من كتب العرب والفرس. حيث كان العرب المسلمون يطلقون اسم “التركمان” على من أسلم من الأتراك واعتنق الإسلام. وقد قال ابن كثير أنه عندما يسلم الترك يطلق عليهم “ترك إيمان”، ثم تم اختصار الكلمتين ليصبحوا “تركمان”، وأصبح هذا الاسم معروفا في القرن الثالث عشر بعد تأسيس إمبراطورية المغول.
ويقال إن لفظ التركمان أطلق على الأوغوز، وهم من القبائل التركية، منذ القرن الحادي عشر. يزعم أنه تم تطبيقه على الرحالة الأوغوز، ثم انتقل ليطلق على الأوغوز الذين يعيشون في المدن من الأتراك. بينما يطلق على الأوغوز الذين يعيشون في القرى والأرياف اسم التركمان. والأوغوز هم من قادة فتح الأناضول وتأسيس دولة تركيا، وانتشر الإسلام بين الأوغوز أو الأتراك في عام 91.
وتعود أصل الأتراك،على أنهم أحفاد ترك بن كومر بن يافث بن نوح عليه السلام.، وتتكون القبائل التركمانية الاغوزية من 24 قبيلة وبحسب ملحمة “أوغوز كاغان”، أحد أهم المراجع عن التاريخ التركي، أو الـ 22 قبيلة بحسب معجم المؤرخ التركي الكبير “كاشغارلي محمود” اكبرها بجنك، جكل، قبجاق، تخسي، يغما، يماك، اغراق، بشغرت، جرق، يسمل، جمل، قاي، ايغر، يباقو، تنكت، تتار، ختاي، قرقز. ولكن وإن اختلفت الأرقام، تبقى قبيلة “الأوغوزهان”، أكبر وأهم قبيلة، انحدرت منها أهم الدول والإمبراطوريات التركية التي عرفها التاريخ، ونقصد هنا كل من: السلاجقة، والزنكيين، والعثمانيين، فهم والتركمان في يومنا هذا، من ذات القبيلة.
توزعت القبائل التركية في الكثير من مناطق تركيا وباكستان وبلغاريا، وهي تتحدث اللغة التركية الأناضولية. تعود أصول اللغة التركية إلى عائلة اللغات المغولية، على الرغم من أنها تتشابه في بعض القواعد مع اللغة الفارسية. ذكرت كلمة “الأتراك” لأول مرة في عمل من أعمال هيرودوت في عام 425 قبل الميلاد، وذكرت كلمة “الأتراك” في مصادر صينية في القرن السادس الميلادي، واستخدمت هذه الكلمة للإشارة إلى دولة غوك تورك.
وكي لا يخطئ القارئ الفهم، فعندما نذكر التركمان، لا نتحدث عن عائلة أو فخذ واحد، فهم لا ينحدرون جميعًا من ذات الفخذ، ومثال على ذلك السلاجقة والعثمانيون، فهم أولاد عم.هاجر التركمان على دفعات من موطنهم الأم آسيا الوسطى، وبشكل تدريجي نحو الجنوب، فكانت حياتهم قبل الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط حاليًا، عبارة عن ترحال مستمر وتدريجي، من الشمال إلى الجنوب، أشبه بحياة البدو الرحل، تهاجر قبيلة تلحقها الأخرى وهلمّ جرّا.
وكانوا يختلفون عن البدو بطريقة الترحال، إذ يعدون مستقرين في وجهتهم، من الشمال إلى الجنوب، مقتربين أكثر فأكثر من منبع الحضارة آنذاك، الشرق الأوسط، وأسسوا دولًا من خلال ترحالهم، مثل الدولة “الخوارزمية”، ودولة “القراخانات”، وغيرها من الدول، وصولًا إلى السلاجقة والعثمانيين، بينما البدو يرتحلون بحثًا عن الكلأ والمرعى وفي وجهات عشوائية، يحطون رحالهم أينما عثروا على واحة تغذيهم، ولم يشكلوا دولة تخصهم عبر تاريخهم.
وبالطبع هاجر التركمان مع عوائلهم وعتادهم، وحيواناتهم أيضًا، وتركزت هجرتهم إلى المنطقة، في بدايات القرن العاشر والحادي عشر الميلادي، وسبق ذلك هجرات بسيطة إلى منطقة سوريا الحالية في القرن السابع، واستقروا بداية في كل من حلب ودمشق، بفضل المساحات الزراعية الواسعة، بالإضافة إلى أن هذه المدن تشكل المركز التجاري والثقافي في البلاد.
وبدأ الأتراك يقتربون من العرب أكثر فأكثر، خاصة بعد دخولهم الإسلام، والذي تمثل في بادئ الأمر مع الأتراك “السامانيين”، ولاحقًا أسلمت دولة “القراخانات” (الملوك السود) عام 960 ميلادي، وكانت أول دولة تركية تعلن إسلامها.وشكل السلاجقة أول دولة تركية في منطقة الشرق الأوسط، ورافقهم الزنكيون أيضًا، ومع فوز السلاجقة بمعركة “داندان أكان” ضد الغزنويين عام 1040، بدأ بقية التركمان بتركيز هجراتهم، وذلك مع عام 1063.
واستعان السلاجقة لاحقًا بالتركمان المهاجرين أثناء الغزو الصليبي عام 1096، أيام عماد الدين الزنكي وابنه نور الدين الزنكي، وهم من التركمان السلاجقة، وبذلك بدأوا يشكلون نواة الجيش السلجوقي واستقروا بكثرة في منطقة حلب، واستمر هذا التعاون بين السلاجقة والقبائل التركمانية المهاجرة أيام الغزو المغولي أيضًا، إذ هاجرت قبيلة “الكاي” بزعامة “سليمان شاه” جد مؤسس الدولة العثمانية إلى الأطراف الشمالية من سوريا، واستعان بهم السلاجقة لدحر المغول في موقعة “كوسة داغ”عام 1243، وكمكافئة لهم منحوا قطعة أرض في آسيا الصغرى.ومع هزيمة المماليك بقيادة “طومان باي”، أمام السلطان العثماني “سليم الأول” عام 1516 في معركة “مرج دابق” شمال غرب حلب، بدأ الحكم العثماني في المنطقة، واستمر لغاية عام 1918.
تقع المناطق التي يسكنها تركمان العراق في منطقة الهضاب، تفصل ما بين المنطقة الشماليّة الجبليّة والمنطقة السهليّة الوسطى والجنوبيّة العراقيّة، وتمتدّ من قضاء تلّعفر شمال محافظة الموصل وتنحدر إلى جنوب شرقها باتجاه محافظة أربيل التي تعدّ من مراكز الاستيطان القديمة للتركمان، حيث إنّ (نصف سكّان أربيل من التركمان من بقايا الدولة الأتابكيّة التركمانيّة).
وتمتدّ جنوباً إلى ناحية التون كوبري باتّجاه محافظة كركوك التي تعتبر قلب التركمان النابض ورمز وجودهم القومي، ثمّ جنوباً باتّجاه ناحية تازة خورماتو وقضاء طوز خورماتو، وهي أشهر الأقضية التي ظلّت مرتبطة إداريّاً بكركوك حتى قرار النظام بربطها بمحافظة صلاح الدين في عام 1970، رغم أنّها تبعد 130 كم عنها وعن كركوك 75 كم.
ثمّ ناحية بيات وقضاء كفري الذي يعتبر آخر ما سُلخ عن كركوك بعد طوز خورماتو، حيث ربطه النظام السابق إداريّاً بمحافظة ديالى كجزء من سياسة التعريب؛ لمحو الهويّة التركمانيّة لمحافظة كركوك التي تبعد عنها بـ 131كم من جهة الجنوب الشرقي. كما تنحدر المناطق التي يسكنها التركمان إلى جنوب شرق العراق باتّجاه محافظة ديالى، وخاصّة قضاء خانقين التي كانت فيها أكثريّة من التركمان قبل نزوح الأكراد إليها بسبب تهديم القرى الكرديّة في فترات النزاع المسلّح بين االحركة الكرديّة والحكومات العراقيّة، فضلاً عن ناحية قرة تبه، وجلولاء (قره خان)، وزرباطيّة، والسعديّة، والمقداديّة (شهربان)، والمنصوريّة، وخالص (دلتاوة)، ومندلي التي رغم كونها قضاءً منذ العهد العثماني إلاّ أّن النظام ضمن سياسته التعريبيّة حوّلها سنة 1987.وإلى جانبها القصبة الحدوديّة التركمانيّة (قزانية)، كذلك يقطن في محافظة بغداد الآن بحدود (50) ألفاً من التركمان.
ذكر أسم تركمان سوريا ضمن السجلات العثمانية باسم “تركمان حلب”، وكان لهم وضع خاص لدى السلطان ويعتبرون تحت رعايته الخاصة، ما سهل لهم أمورهم بشكل نسبي في تلك الآونة.وعرفوا بتنقلهم بشكل مجموعات، حيث يتمركزون شتاءً في منطقة حلب، وصيفًا يتوجهون حتى منطقة “سيفاس” (تركيا حالياً) في منطقة الاناضول.ويقال “تركمان الشام” للتركمان الذين يقطنون دمشق، بينما الذين يقطنون حلب والرقة يقال لهم “تركمان جولاب”، أما تركمان منطقة اللاذقية فيقال لهم “تركمان باير بوجاق”، نسبة لمرتفعات “بايربوجاق” (جبل التركمان) شمال اللاذقية.
ويعود سبب انتشار التركمان في معظم الأراضي السورية الحالية، إلى رغبة السلطنة العثمانية فرض التغيير الديموغرافي في مناطق البدو والعشائر العربية في كل من اللاذقية وطرطوس وحماة والرقة وحمص، وبهدف فرض سيطرتها عليهم، إذ كان من الصعب قيادتهم والتحكم بهم، بالإضافة لضمان جباية الضرائب المفروضة عليهم.
لاحقًا ومع المتغيرات الاقتصادية والسياسية في القرن السابع عشر، أجبرت الدولة العثمانية القبائل التركمانية على الاستقرار في أماكن معينة بعيدًا عن حياة الهجرة، وفي أواخر القرن الثامن عشر استقر نصف التركمان في كل من حماة، والرقة، وحمص، وغازي عنتاب، إلا أن المناخ والبيئة في منطقة الرقة (صحراوي)، لم تناسب التركمان، فحاولوا الهجرة إلى مساكنهم القديمة، ولكن أعيدوا إلى هناك مجددًا.
مطلع القرن التاسع عشر شهدت سوريا هجرة عكسية للتركمان باتجاه الأناضول، لأسباب أبرزها الزلزال المدمر عام 1822، والأمراض السارية التي انتشرت في تلك الآونة، إلى جانب سيطرة إبراهيم بن محمد علي باشا على سوريا، بينما بقي الآخرون في مناطق العرب السنة واندثرت لغتهم التركية تقريبًا.كما وجهت الدولة العثمانية الأتراك المهاجرين من منطقة القوقاز بسبب “حرب 93” (معارك بين العثمانيين والروس خلال عامي 1877-1878) إلى سوريا ليستقروا فيها، وبذلك بدأت موجة هجرة جديدة من الأتراك إلى المناطق السورية.
الديانة القديمة للتركمان هي الشامانيّة مع قليل من اليهوديّة والبدوذيّة والزرداشتيّة والمسيحيّة..ويدين الترك اليوم بجميع فروعهم وبنسبة ساحقة بالدين الإسلامي، وكذلك هنالك بضع مئآت من العوائل المسيحيّة (كاثوليك) في قلعة كركوك في العراق من التركمان الذين لا يتكلّمون غير التركيّة. إنّ مسلمي التركمان هو خليطٌ من كلّ المذاهب كالعرب تماماً، الاغلبية فيهم من السنّة في سوريا ولبنان والاردن وفلسطين وهناك قسم من التركمان الشيعة في العراق، وفيهم من الغلاة العلويّة والبكتاشيّة والكاكائيّة وغيرها، غير أنّ السنّة الأحناف فيهم يشكّلون الأكثريّة الكبيرة؛ إذ ينقسم التركمان إلى حوالي 75٪ من السنّة، و25٪ من الشيعة، يقطن السنّة في مدن أربيل والتون كوبري وكركوك وبيات وكفري وخانقين وجلولاء وزرباطيّة والسعديّة. أمّا الشيعة، فيقطنون في تلّعفر وتوابعها في محافظة الموصل وفي مركز مدينة كركوك (حوالي 35٪ من التركمان في مركز مدينة كركوك من الشيعة)، وناحية تازة خورماتو وطوز خورماتو وعدد من القرى التابعة لهما.
تاريخ التركمان في الشرق الاوسط:
أن الترك هم أقوام تنقلت قبل الإسلام وبعده، إلى خط الهجرة الأول الأناضول أوروبا، والتركمان هم الذي شاركوا بالحملات الإسلامية المختلفة في العراق وسوريا وما حولها من الأراضي، امتدادًا لفلسطين، عبر خط الهجرة الثاني. وأمّا من لم يهاجر وبقي منهم في موطنه، في أواسط آسيا، فهم الترك، ويمكن الإعتماد في ذلك على أنّ ما يصل من 90 بالمائة من أراضي آسيا الوسطى، كانت تسمى بالتركستان، أي بلاد الترك، الممتدة من غرب الصين وحتى حدود إيران وبحر قزوين شرقًا، ومن شمال كازاخستان وحتى شمال أفغانستان وأجزاء من طاجيكستان جنوبًا، وهذا بالمعنى الواسع.
ولفظ "تركستان" بالمعنى الضيق يطلق أيضًا على الجزء الأقصى من أراضي آسيا الوسطى الذي يمتد من شمال_غرب الصين وحتى أجزاء من قرغيزستان وكازاخستان، وما حولهما، والجزء الشرقي من هذا المنطقة، يسمى بدولة تركستان الشرقية، أو مقاطعة سنجان الصينية، التي أتبعتها الصين لحكمها في أوساط القرن العشرين، والتي يطغى على سكانها أحد القوميات الطورانية المسلمة واسعة الإنتشار، وهم الأويغور ، والجزء الغربي من هذه الجغرافيا قد احتله الإتحاد السوفيتي، وهو الآن يشكل مجموعة من الدول.
وأمّا لفظ تركمنستان فهو متخصص بالدولة في جنوب غرب الجغرافيا الواسعة لتركستان الكبيرة المحاذية لشمال شرق إيران، ولعل دولة (تركمنستان) سمّيت بهذا الإسم؛ لأنها كانت على خط تَرْكِ أراضي التركستان، هجرةً إلى الأراضي التي تليها، والتي يمكث بها أقوام غير الأقوام الطورانية الألطائية ، والواقعة على خط الهجرة الثاني نحو إيران فالعالم العربي.
ويمكن أن يأخذ الكلام منحى آخر، فيمكن اعتبار من تمدّن من هذه الأقوام بعد هجرته في الأناضول والبلقان، أنهم الترك، ومن بقي مرتحلًا في جغرافيا محدودة، يكون من التركمان، فيكون من طغى عليه واقع البداوة من التركمان، ومن تحضّر كان من الترك، وكأن الذي تحضّر قد بنى موطنًا جديدًا وقام بقيادته، ومن بقي في تحرك، وغير استقرار، أو من توطّن في مكان غير وطنه الأم، وكان أقلية به، كان تركمانيًّا.
والنهج الواقعي في بيان الفرق بين مصطلحي التركي والتركماني، فيمكن الوقوف عليه وفق بداية ونهاية تاريخ الدولة العثمانية، أي أنّ كل من كان عمره من هذه الأقوام 7 قرون فما فوق، فهو مواطن قديم سبق وجوده في الشرق الأوسط وجود العثمانيين، فهم التركمان ، وأمّا من أتى مع العهد العثماني، وبقي في مناطق العثمانيين مع نهاية الحرب العالمية الأولى فهم الأتراك .
إنّ الوجود التركماني قبل الفتح الإسلامي تمركز في أذربيجان، حيث فُتحت سنة 20هـ بقيادة حذيفة بن اليمان، وشارك الترك في بناء وإدارة الحضارة الإسلاميّة، وبلغَ الوجود التركي ذروته في العصر العبّاسي عندما بدأ الضعف ينتشر بين القبائل العربيّة المهيمنة وفقدانها لروحها البدويّة المحاربة بعد استقرارها في العراق وتمتّعها بحياة الخصب والرفاهيّة.
وقد وجدَ القادة العبّاسيون في الترك والتركمان البديل المطلوب لاحتفاظهم بروحهم الرعويّة المحاربة لشجاعتهم وبسالتهم في سوح القتال، خصوصاً في مواجهة خطر الجماعات الرعويّة الأوربيّة القادمة باسم الحروب الصليبيّة... استقدمَ الخليفة العبّاسي المعتصم بالله (50) ألف محارب من (أخواله) الترك واستخدمهم في الجيش، وبنى لهم مدينة (سرّ مَن رأى) أي سامراء الحاليّة في شمال عاصمة الخلافة بغداد، حيث توسّع وامتدّ نفوذ التركمان والأتراك في الدولة العبّاسيّة، حتى شملت جميع مرافق السلطة إلى أن وصل بهم الأمر ـ زمن حكم الدولة العبّاسيّة ـ إلى خلع وتنصيب الخلفاء أنفسهم.
وظهرَ دور التركمان بعد تحرّك قبائل طغرل بيك في سهوب آسيا الوسطى، وسيطرته على إيران والعراق وقيام الدولة السلجوقيّة التي امتدّت من 429 هـ إلى 573 هـ (واستمرّ الحضور التركماني السلجوقي مع بروز دور مؤسّس الدولة العثمانيّة آل طغرل بن سليمان الشاه).وقد أسّس التركمان دويلات عديدة في العراق منها: دولة آق قوينلو، وقرة قوينلو ، والدولة الأتابكيّة في أربيل.ثمّ تعاقبت القبائل التركمانيّة والسلجوقيين (الأتراك) على حكم العراق لغاية سيطرة الدولة العثمانيّة والتركمانيّة عام 1514 على بغداد، واستمرّ حكمهم، حيث تناوبت الدولة الصفويّة في إيران حكم العراق لفترات متقطّعة (والصفويون هم من القبائل التركيّة، وأيضاً سكنت بلاد فارس).
واستمرّ الخلاف الإيراني ـ العثماني و الاحتلال الإنكليزي للعراق العام 1917الميلادي. وفي عام 1926أُبرمت اتفاقيّة بين الحكومتين التركيّة والبريطانيّة حول تبعيّة ولاية الموصل (وتشمل: أربيل وكركوك والسليمانيّة والموصل)، حيث تشير إحدى فقرات هذه الاتفاقيّة إلى حرّية اختيار العراقيين من الأصول التركمانيّة بين البقاء في العراق أو الهجرة إلى تركيا، وقد فضّل التركمان البقاء في العراق إلاّ عدد قليل فضّلوا الهجرة إلى تركيا والاستقرار فيها.لقد شارك التركمان إخوانهم العراقيين في السرّاء والضرّاء وقدّموا التضحيات والشهداء في حروب العراق ومعاركه وثوراته، وعانوا من ظلم ومآسي حكّامه أسوة ببقيّة إخوانهم العراقيين، ورفدوا وطنهم العزيز بشخصيّات بارزة ساهموا في بنائه ودافعوا عن أمنه واستقراره وتثبيت استقلاله.وقد برز الكثير من أعلام الحضارة العبّاسيّة من الأصول التركمانيّة، مثل: الفارابي، والبخاري، والخوارزمي، والبيروني، والسرخسي، والعديد غيرهم.
كما برز العديد من الشخصيّات العلميّة والثقافيّة والأدبيّة والسياسيّة بعد تشكيل الحكومة الوطنيّة العراقيّة عام 1921، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: حكمت سامي سليمان، والوزير عزّت كركوكلي (وزير الأشغال في أوّل وزارة عراقيّة بعد تشكيل الحكومة العراقيّة عام 1921)، ويقال: إنّ (نوري السعيد نفسه كان تركمانيّاً)، والعلاّمة مصطفى جواد، والشاعر عبد الوهّاب البياتي، والشاعر حسين مردان، والأديب الشاعر نصرت مردان، والأديب إبراهيم الداقوقي، والشاعر ده ده هجري، والأديب وحيد الدين بهاء الدين، والأديب الموسوعي عطا ترزي باشي. وبرز من كبار ضبّاط الجيش: غازي الداغستاني، والزعيــم (العميد) عمر علي، واللواء مصطفى راغب من قادة معركة فلسطين عام 1948، والفريق يالجين عمر عادل، والقانوني البارز نور الدين الواعظ، والعديد من الوزراء والسفراء، ومئات من كبار الموظّفين والقضاة والمهندسين والأطبّاء.
تركمان سوريا منذ بدايات القرن العشرين، وبعد انفصال سوريا عن الدولة العثمانية ، عقب هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، منحت تركيا ضمانة تخص تركمان سوريا من خلال اتفاقية “أنقرة” عام 1921، أي حصلت على ضمانة تخص ضم القرى التركمانية، دون التطرق للحدود السورية أبدًا.وفي أعقاب معاهدة “لوزان” عام 1922، وعندما رُسّمت الحدود السورية- التركية عام 1923 تم اعتماد الحدود الموضحة في اتفاقية أنقرة، رغم محاولات القرى التركمانية للبقاء داخل الحدود التركية، إلا أن ذلك لم يجدِ نفعًا، وبذلك بقي قسم كبير من التركمان في سوريا، ولم ينضموا إلى أبناء جلدتهم، وأصبحوا تركمانًا سوريين، ومنحوا الجنسية السورية.
في لبنان والذي يتميز بتنوعه الديمغرافي والعرقي المتعدد ومنهم التركمان والذين يعتبرون أقلية موجودة منذ عهد يافوز سلطان سليم حيث قام سنه 1516 أثناء حملة مصر باستقدامهم من وسط الأناضول وذلك بهدف حمايه طريق الحجاز. وكانوا يعتاشون من الزراعة التي يقومون بها على الأراضي التي يتمركزون عليها.
التركمان في لبنان متوزعون على مناطق مختلفه من لبنان. في عكار، الكواشرة. وإلى جانب الكواشرة هنالك بلدات الدبابية، والدوسة، وعيدمون ومشتى حسن التي تضم عائلات تركمانية. يقدر عدد التركمان في عكار بقرابة 15 ألف نسمة. ولا تزال حتى الآن تحافظ على لغتها وعاداتها وتقاليدها التركمانية.أما طرابلس فتحتوي على أتراك جزيرة الغيريت. فبعدما فقدت الدوله العثمانية السيطرة على هذه الجزيره سنه 1897 استقر أغلب سكان هذه الجزيرة في مناطق مرسين وازمير ومنهم من توجه إلى طرابلس اللبنانية ودمشق.
أما بالنسبة للعاصمة بيروت فتحتوي على الأتراك الماردينين الذين غادروا منطقة ماردين بسبب الأزمات الاقتصادية والبطالة واستقروا في بيروت. الأتراك الماردينيون يتكلمون اللغة العربية إلى جانب التركية ما سهل اندماجهم بسرعة أكبر مع المجتمع اللبناني.وفي البقاع توجد خمسة بلدات تركمانية هي عدوس، والشحيميه، وخط البترول، والنعنعية، وييلغ عددهم ما يقارب اثني عشر ألف تركماني. إضافة إلى وجود تركمان في منطقه الضنية اللبنانية ويبلغ عددهم 800 نسمة.
وكعهد أجدادهم وفروسيتهم وشهامتهم في الإخلاص لبلدانهم ومدنهم وقصباتهم وأراضيهم التي يقطنونها والتي يستقرون فيها فإن التركمان في لبنان يشاركون بإخلاص في بناء الدولة وحماية ترابها وأرضها وسمائها.
تركمان فلسطين ... حرّاس الثغور
حتى أواخر العهد العثماني كان التركمان يحافظون على لغتهم التركية ويستخدمونها في حياتهم اليومية فيما بينهم، ولكن مع مرور الزمن اكتسب التركمان في فلسطين اللغة والعادات والتقاليد العربية، لدرجة أنك لا تستطيع التمييز بينهم وبين أقرانهم ذوي الأصول الاثنية العربية من حيث العادات والتقاليد واللغة والهوية. ومنذ بدايات القرن العشرين أخذوا يستخدمون اللغة العربية وكادت اللغة التركية تتلاشى من التداول، خاصة بين الأجيال الجديدة. وانخرط التركمان، في فلسطين وفي الشتات، كلياً في المجتمع الفلسطيني، وذابوا في البوتقة الفلسطينية، وعلى حد تعبيرهم فهم "لا يعرفون لهم وطناً إلا فلسطين".
بدأ تواجد التركمان في فلسطين منذ عام 1088م وبشكل خاص في لواء حيفا ضمن قطاع آل طرباي الذين أصبحوا يعرفون باسم الأسرة الحارثية في مرج ابن عامر، والاسم الذي حمله تركمان فلسطين، والذي لا زال متداولا حتى اليوم هو عرب التركمان. وصلت أولى موجات التركمان فلسطين إبان الحروب الصليبية ضمن قوات وحشود صلاح الدين الأيوبي القادمة من شمالي العراق، حيث شاركوا بفعالية في حروب صلاح الدين لتحرير بلاد الشام من الصليبيين، وكانت مساهمتهم واضحة في استعادة مدينة القدس للسيادة الإسلامية.
في البداية سكن التركمان الفلسطينيون قرية المنسي في لواء حيفا في الطرف الغربي لمرج بن عامر، ثم سكنوا عكا والساحل الفلسطيني بين عتليت والخضيرة. وفي حرب 1948 اجتاحت القوات الصهيونية قرى التركمان في فلسطين، ودمرتها بعد قتال عنيف بين المهاجمين وأهالي القرى. وقد سقطت " المنسي " بعد معارك حدثت ما بين 9 و13 نيسان / أبريل 1948 وتزامن سقوطها مع أغلب القرى المجاورة.
بعد نكبة عام 1948م هجر عدد كبير منهم إلى الجولان وبعض المناطق السورية الأخرى والأردن، ومدينة جنين؛ في أحياء وادي برقين، والألمانية، وحي سبعين، وضاحية صباح الخير، وخروبة، بالإضافة إلى مخيم جنين وبلدات وقرى بئر الباشا، بئر السبيل، مثلث الشهداء، الزبابدة، عرابة، يعبد، رمانة وبعض المدن الفلسطينية الأخرى مثل طولكرم ونابلس وقطاع غزة، حيث يعرفون هناك بعشائر الشجاعية التركمان. وتعتبر عشيرة (عرب التركمان) أكبر مجموعة سكانية في مخيم جنين الذي تعرض لمجزرة بشعة إبان الاجتياح الإسرائيلي لمدن ومخيمات وقرى الضفة الفلسطينية عام 2002 سقط فيها مئات الضحايا والمصابين بينهم عدد كبير من الفلسطينيين التركمان.
ما تزال ذاكرة تاريخ فلسطين الحديث تزخر باسم التركمان القويّ، فهناك على جبال الساحل الفلسطيني، وعلى الأطراف الغربية لمرج ابن عامر السهل الواسع بين منطقة الجليل وجبال نابلس استقرت ثماني قبائل تركمانية بشيوخها، وهم قبائل بني سعيدان، وبني علقمة، وبني غرة، وبني ظبية، والشقيرات، والطواطحة، والنغنغية، والعوادين واستقروا في قرى المنسي وأبو شوشة وأبي زريق والغبيات ولد العوادين من قضاء حيفا .
يتمركز التركمان في مدينة جنين البطلة التي طوقتها القوات الصهيونية في 3 حزيران، يونيو عام 1948م ، بأربعة الآف جندي وقد صمد المدافعون عنها صمود الابطال ثم جاءت نجدة الجيش العراقي بقيادة الضابط عمر علي ( تركماني من مدينة كركوك) حيث تمكن بمساندة أهالي جنين من تحرير كافة أحياء المدينة التي دخلها جيش العصابات الصهيونية واندفع الجيش العراقي لمطاردة فلول القوات الإسرائيلية المتقهقرة ووصل إلى منتصف الطريق نحو حيفا قرب "المنسي"، البلدة البدوية التي يقطنها عرب التركمان، حيث دافع أبناؤها ببسالة عن مخيم جنين أبان حصارها عام 2000. ووقف هذا الضابط المغوار هناك لصدور الاوامر العسكرية اليه من قيادته العليا بعدم التقدم، وقد توفي البطل عمر علي وفي نفسه غصة لعدم استشهاده في فلسطين.
ما زال في مدينة جنين نصب تذكاري ضخم لتخليد ذكرى الجنود والضباط العراقيين الذين استشهدوا في الدفاع عنها عام 1948، ( منهم 15 شهيدا تركمانيا من كركوك كانوا برفقة القائد عمر علي وكانوا يعرفون في كركوك ببيوت شهداء فلسطين) . كما قاد الضابط التركماني اللواء مصطفى راغب لواءً من الجيش العراقي في حيفا وأبلى بلاءً حسنا في دحر الصهاينة. ولعل أبرز وأعظم موقف تركماني أتجاه فلسطين هو موقف السلطان العثماني عبد الحميد من عرض تيودور هرتزل( مؤسس الصهيونية السياسية) الذي قدم رشوة مالية ضخمة لقاء سماح السلطان لليهود بالهجرة الى فلسطين، ورغم مرور الإمبراطورية بظروف مالية صعبة جدا ، ألا أن السلطان العظيم رفض أن يبيع فلسطين للصهاينة قائلا للصدر الأعظم (رئيس وزراءه) : " أنصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع، إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين المقدسة ، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، التي جاهدت في سبيلها، وروتها بدمائها، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فأنهم يستطيعون أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن.
أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون عليَّ من أن أرى أرض فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية، وهذا أمر لا يكون. إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة". وكان هذا الرد هو واحدا من اسباب سقوط الامبراطورية العثمانية. جميع التركمان في فلسطين اليوم استعربوا تماماً، وأصبحوا فلسطينيين مسلمين معروفين بشكيمتهم وفتوّتهم لاسيما في مواجهة الاحتلال. تاريخياً فإن أعداداً كبيرة من التركمان الناوكية تتراوح بين 6000-12000 قدمت إلى فلسطين قبل الحروب الصليبية لدعم بدر الجمالي حاكم الشام من قبل الفاطميين ضد هجمات الأعراب وغاراتهم على الريف الفلسطيني، وجرت لهم إقطاعات في غور الأردن والمناطق التي تحاذي البادية، وكان المقاتل التركماني يتحرك تحت ظل سيفه، ويحمل معه أسرته كلها أينما استقرّ.
وفي أثناء الحروب الصليبية وبعدها استمرت هجرات التركمان إلى الشام بحثاً عن المراعي الخصيبة والأمن، وانضموا إلى الزنكيين والأيوبيين في حروبهم ضد الفرنجة الصليبيين، واستعان بهم نور الدين زنكي في حروب العصابات في الجليل الفلسطيني. وفي عهد صلاح الدين نظّم التركمان أنفسهم في تشكيلات عسكرية شعبية غير نظامية، ولاسيما من القبيلة الياروقية، وكان بين قادة جيوش صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين قائد تركماني بارز، هو "مظفر الدين كوجك (كوكبورو)" من أربيل في شمال العراق، وانضمّ إليه لاحقاً القائد التركماني "يوسف زين الدين" أمير أتابكة الموصل في شمال العراق أيضاً، ولذلك أقطعهم صلاح الدين أراضي واسعة شمال نابلس.
وكان للتركمان الحزبنلدية وهم من تركمان الشام مشاركة فاعلة لصلاح الدين في تحرير فلسطين، كما قدم إليه مع القائد التركماني بدر الدين دلدرم خلق كثير من المقاتلين التركمان.وقد كان لهؤلاء التركمان دور كبير في الدفاع عن القدس أثناء محاولات الملك الإنجليزي ريكاردوس استعادة القدس من الأيوبيين.وفي عهد الظاهر بيبرس جرى توطين عدد كبير من مقاتلي التركمان وعائلاتهم على طول الساحل الفلسطيني في حراسة الثغور البحرية من هجمات الصليبيين الفرنجة، وشاركوا معه قبل ذلك في معركة عين جالوت، وكانت لهم أدوار في تأمين الطرق والإمدادات اللوجستية وجباية الزكاة وتوصيل البريد، وأوكل إليهم بيبرس الدفاع عن يافا بعد تحريرها. وفي زمان المماليك التركمان والشركس، ترسّخ وجودهم واستقروا في جبال نابلس وسهول جنين، وتزايدت أعدادهم في فلسطين بعد موجة هجرة جديدة أوائل القرن التاسع عشر. وفي العموم فإن تركمان فلسطين هم نمط مقاتل من شعب فلسطين المحاربين الذين جعلوا من هذه الأرض موطنهم الوحيد، ودافعوا عنه ببسالة فذّة وما يزالون .والتركمان في شرقي الاردن متواجدون في قضاء جرش قرية الرمان وفي قضاء عمان عيون الحمر.
اندثرت الثقافة واللغة التركية لدى قسم من تركمان سوريا والعراق ولبنان وفلسطين وبلدان شمال افريقيا ، وذلك بسبب سياسة الاستيعاب (التعريب) مع بدايات القرن العشرين، بعد الحرب العالمية الأولى ونهاية الحكم العثماني في المنطقة وبالتزامن مع الانتداب الفرنسي، إذ تم منع اللغة التركية، وحُمّل التركمان تبعة خسارة العرب لأراضيهم، وبذلك تعرّب التركمان الذين يشكلون الأقليات في بعض مناطق العراق وسوريا ولبنان وفلسطين وأصبحوا عربًا مع الزمن مع الاعتزاز بقوميتهم التركمانية حتى ولو نسوا لغتهم الام كما في فلسطين ولبنان وليبيا والجزائر، أما المناطق التي يقطنها عددٌ كبيرٌ من التركمان وخاصة في شمال حلب ومنطقة بايربوجاق في اللاذقية وفي الجولان ، حافظوا على صفتهم وهويتهم التركية، وتابعوا استخدام لغتهم التركمانية التي يعتزون بها.
في سوريا لم يعتبر الانظمة العربية التركمان في مناطق تواجهم بأنهم أقلية عرقية تعيش على أراضيها فمثلا النظام السوري البعثي لم يعتبر “التركمان” أقلية، لذلك لا يمكن معرفة أعدادهم بدقة في تلك البلدان وعند العودة إلى سجلات النفوس، فهم سجّلوا على أساس ديني كونهم مسلمين، كما لا توجد إحصائية رسمية حسب التصنيف العرقي للسكان في سوريا. يشير كتاب “الصراع لأجل السلطة في سوريا” للكاتب “نيكولاس فان دام”، والذي يعد أحد أهم الكتب التي تطرقت لتعداد التركمان في المنطقة، إلى أن نسبة التركمان السوريين تشكل 3% من التعداد الكلي للسكان ، ويقدر عددهم بـ 484 ألف نسمة من أصل ما يزيد على 16 مليونًا، بحسب أرقام عام 1997، كما تشير بعض المراجع إلى أن التركمان بين من يعلمون بأصولهم التركية ومن لا يعلمون، وفي مختلف مراكز وجودهم، تتراوح أعدادهم بين 3- 3.5 مليون تركماني.
لا يوجد إحصاءٌ دقيق في العراق، وإن وجِد إحصاءٌ يمكن التعويل عليه بمقدار معيّن فيعود تاريخه إلى الأعوام (1947 و1957)، وقد وردت فيهما أعداد ونِسب القوميّات، ولكن بشكلٍ غير دقيق وغير موثوق؛ لوجود حالات التهرّب خوفاً من الجنديّة وغير ذلك، كما أنّه لم يمكن تسجيل القبائل الرحل، وبالنسبة للتركمان فإنّ وجود حالات تغيير للانتماء القومي بالإنكار أو اتّخاذ ألقاب عربيّة كالعزاوي والنعيمي والتكريتي، وغيرها في بيانات الإحصاء تحسّباً للتميّز العنصري، لها دورٌ في ذلك..
أمّا الإحصاءات في العهد الجمهوري، كإحصائي (1977 و 1978)، فلم يظهر في الأوّل منهما التصنيف إلى القوميات، في حين نظمتْ استمارة البيان في الثاني بحقلين، فقد كان على التركماني أن يؤشّر في حقل (عربي) أو (كردي) أو يترك الاستمارة بلا تأشير، عندئذ يعتبر عرباً!.وفيما يخصّ الإحصاءات البريطانيّة والتركيّة بالمقارنة مع الإحصاءات العراقيّة لعامَي (1921و1922)، التي قُدّمت إلى مجلس عصبة الأمم من قِبل لجنة تقصّي الحقائق التي زارت المنطقة لهذا الغرض إبّان مشكلة الموصل لتصنيف سكّان الولاية حسب القوميّات، فقد كانت متباينةً ومتضاربة وتقديريّة ولا يمكن التعويل عليها، باعتبارها وثائق تاريخيّة.
لذلك فإنّنا سنفتقر إلى الموضوعيّة والدقّة إذا ما قدّمنا رقماً محدّداً عن عدد نفوس التركمان، وعليه ليس أمامنا خيار في الوقت الحاضر سوى الاستناد إلى إحصاء (1947 و1957) ونبني على ما ورد فيهما تقديراتنا، وممّا لا شكّ فيه ستكون تخمينيّة قابلة للخطأ والصواب، وكما يلي:
عدد نفوس العراق في إحصاء 1947 حسب معلومات غير أكيدة؛ (لأنّها غير مأخوذة من المصادر الرسميّة) (3،468،000) نسمة، وأنّ عدد نفوس التركمان (280،130) نسمة (الرقم الأخير مأخوذٌ من مديريّة الإحصاء التابعة لوزارةة التخطيط عام 1965).وفي إحصاء 1975 ـ أي بعد مرور 10 أعوام ـ ارتفع عدد نفوس العراق إلى (6،376،000) نسمة، ونفوس التركمان (467،000)، وفي مصدر آخر (567،000) نسمة.وحسب إحصاء 1987 ارتفع نفوس العراق إلى 18 مليون نسمة، وبناءً على هذه المعدّلات يقدّر إجمالي نفوس التركمان ما بين (1،5 مليون إلى 2 مليون) نسمة.نُشرت في مجلّة انيكيوري البريطانيّة مقالة في شباط (فبراير ) 1987 جاء فيها أنّ عدد نفوس التركمان يزيد على (1،500،000) نسمة.وعلى ضوء الأرقام الإحصائيّة المذكورة أو التقديرات الواردة في بعض التقارير، يمثّل التركمان القوميّة الثالثة في العراق من حيث العدد السكّاني أو الامتداد الجغرافي.
وفي ايران يقع إقليم “تركمن صحراء” في شمال شرقي إيران على حدود جمهورية تركمانستان، ويشترك الشعب التركماني في إيران بصلات قبلية وثقافية وتاريخية مع الشعب التركمانستاني، وترکمن صحراء هي صحراء تحتل الجزء الأكبر من شمال شرقي لإيران، ويكثر وجود الواحات في هذه الصحراء المتدة حتى سواحل بحر قزوين، وهي صحراء واسعة ومنبسطة في شمال إيران، وأحد أقاليم محافظة غلستان المشهورة بمناظرها الخلابة، وتشتمل هذه الصحراء الواسعة عددا كبيرا من المدن المأهولة والحضرية وعلى رأسها: كنبد كاووس، بندر تركمان، آقى قلا، مراوه ‌تبه، کلاله، سیمین ‌شهر، كمش ‌تبه، نكین ‌شهر، أنبار آلوم، داشلی برون، بجنورد، درگز، فراغی، كلیداغ، وجزء من منطقة تربت جام.
وتقدر الأقلية التركمانية وفقا للتقديرات الرسميةوالإحصاءات الرسمية والمحلية يقدر بقرابة المليوني و240 ألف نسمة وتكون الأقلية التركمانية إلى جانب عدد من الأقليات العرقية الأخرى (البلوش ـ الكرد ـ الآذريون ـ العرب) أكبر أقلية على الإطلاق من حيث اتباعهم المذهب السني. ومع هذا الموزاييك يشكل السنة في إيران البالغ عدد سكانها نحو 80 مليون نسمة ما يقدر بقرابة 15 بالمائة من إجمالي السكان، أي أن التركمان يشلكون قرابة ربع السنة في إيران وهو رقم كبير بالقياس إلى أن أغلب العرب الأحواز يدينون بالمذهب الشيعي الإثنى عشري.
أن التركمان يتمركزون في الأساس بثلاث محافظات رئيسية وهي: خراسان رضوي وخراسان شمالي وغُلستان، فضلا عن تمددهم في كثير من المحافظات المحازية مثل خراسان جنوبي، أو المحافظات ذات النشاط الاقتصادي وعلى رأسها: طهران وأصفهان ومازندران.
تمارس بحق التركمان في ايران التمييز والعنصرية، وحول الإستراتيجية الأمثل للتعامل مع مطالبهم السياسية والحقوقية المشروعة، خاصة بعد أن أعلنت السلطات الإيرانية بدء فرض تعليم اللغة الفارسية حتى في المراحل التحضيرية التي تسبق المدرسة الابتدائية، ما يعني حرمان أبناء الأقليات غير الفارسية من تعلم لغتهم ومن ثم يكون التركمان أمام واقع أكيد وهو تسرب هؤلاء الطلاب من مراحل التعليم وما يستتبعه ذلك من كوارث مجتمعية لا حصر، فضلا عن تجذر الخلاف بين الأقلية التركمانية والسلطة المركزية في طهران.
تركمان بلاد الشام كما ذكر في كتاب عشائر الشام لاحمد وصفي زكريا
التركمان من أكبر الشعوب الطورانية ، وهم بادية الترك ومبدؤهم. الأعراب بادية كما العرب ومبدؤهم ، لأنه في الأصل أهل ضرع وخيام يرحلون ويحلون , أوطانهم الأصلية في براري اسية الوسطى الممتدة بين جزر الخزر وبهر خوارزم ونهر جيحون ، وهم أول من اسلم من الترك في القرن الرابع الهجري ، ودصاروا بدعون من ذلك الحين (تركمان ) بعد أن انوا في جاهليتهم يدعون ( أوغوز ) أو ( غز ) بضم الغين والزال ، كما نرى ذلك من تواريخنا العربية القديمة ، التي كانت تذ گره تارة باسم ( غزا) وتارة باسم ( الخوازرمية) ولا أسلموا في القرن الرابع الهجري ، هاجروا نحو ديار الإسلام ، وانتشروا في شمالي غربي ايران وشمالي شرقي الاناضول , اي في انحاء طبرستان وكيلان واذربيجان وارزنجان ودياربكر ,ثم بلغوا الاناضول، وهم إذا كانوا أهل حربا وبأس ونجدة ، هرعوا للتجنيد جيوش الخلفاء والملوك المسلمين ، وبرزوا في طاعتهم وجلا دتهم ، وفي الحروب الصليبية أبلوا بلاء حسن تحت لواء السلاطين السلجوقين والملوك الأثابكيين والأيوبيين والسلاطين المماليك ، كمافصله مؤرخوا تلك العهد, وشرحوا الفظائع التي ارتكبها وقتئذ بعض متشرديهم ، في أزمنة وأمكنة عدة.
والتركمان في بلادهم الأسيوية الأعراب ، ينقسمون إلى عشائر مختلفة ، لا يتسع المجال لتعدادها ، وأشهرها وأكبرها تكة واليلي و پومود وأساري وأفشار وقايي خان التي منها آل عثمان وغيرها ، وقد تحضر هؤلاء إلا قليلا منهم . بعد هجرتهم واستقرارهم ، في بلاد إيران والأناضول ، وأسس بعضهم دويلات على أنقاض السلجوقين ، كإمارة ذوي الغنم البيض في أنحاء ديار بكر ، وذوي الغنم السود في أنحاء أذربيجان ، وأل فرمان في قونية ، وأل رمضان في أضنة ، وال ذوي القدر في مرعش ، وال عثمان في بورصة وفي استانبول وغيرهم.
ولا يزال من ذراري هؤلاء، زرافات بادية ، يرحلون و ينزلون في براري ومراعي حلب واضنة وقونية وغيرها ، كما أن منهم أناس قد تركوا البداوة وتحضروا ، تجدهم الآن في شمالي العراق والشام ، وفي أنحاء أرضروم وسواس ، وبعض أجزاء إيران والقفقاس ، وهم ما برحوا محتفظين بتركمانیتهم ، حتى أن ملامحهم ولغاتهم تختلف عما لدى الأناضول عامة و استانبول خاصة.
وعند التركمان أكل خصائص الطورانبين وملامحهم ، فرؤوس الطورانيين لا يخفى هي مدورة ، ووجوههم عريضة ، ووجناتهم بارزة ، وعيون ضيقة , وأنوفهم فطس ، وشفافهم غليظة ، وسحنهم صفراء سمراء ، وشعورهم سود ، ولحام فرقة ، بيد أن التركمان والترك بعد ان امتزجوا وخلطوا دماءهم بغيرهم من الشعوب ، تبدلت ملامحهم هذه ، وبعدت عما لدى أبناء جلدتهم الأصليين المعروفين بالتتار، في شرقي أوربا والمعروفين بالمغول في شرقي آسية ، وأكثرهم ابتعاد عن الطورانية الأصلية هم سكان من الأناضول والروملي ، المختلطين بعناصرارية وسامية شتى من الفتح العثماني. والتر كمان ذوو سجاپا وأوصاف خاصة، أبرزها طول قامتهم ، وصحة أبدانهم ،وسذاجة أفكارهم وأطوارهم ، وشدة بأسهم وجلدهم ، وانهم جنود نظاميون بالطبع والخلقة ،وهذا ما حمل خلفاء المسلمين وسلاطينهم على تجنيد عدد كبير منهم ، وقد اشتهرت الدول والإمارات التي أنشؤوها من بعد بسطوتها ومنعتها، كما أشتهروا هم في كل زمان ومكان ، بفرط طاعتهم لسادتهم وكبرائهم ، ولهم الأن جمهورية خاصة ضمن الاتحاد الروسي السوفياتي اسمها (جمهورية تركمانيا).
ولباس رجال التركمان القدماء قميص طويل ، فوقه جبة طويلة ، يشدون في وسطها زنارا ضيقا ، وأحذيتهم جزمة طويلة ، أو نعل عادي من جلد البعير ، أو الخيل ملفوف بالصوف ، وأغطية رؤوسهم قلنسوة بشكل مخروط الناقص ، من جلد الحملان أو اللباد ،أما نساؤهم قزيات وجميلات يسترن رؤوسهن منديل طويل ، ويكثرن من التزين بالحلي. والتركمان القدماء رحل ، يسكنون الخيام التي تدعي ( خرگاه )، وهي تختلف عن مضارب الأعراب ، فهي مدورة أو مربعة ، مسقوفة باللباد أو الحصير ، ورجالهم يوقرن النساء ، ولا يمسوهن بسوء، ويمنحوهن الحرية التامة ، فتراهن ذاهبات آيبات ، من مكان إلى مكان بكل طلاقة ، ولا يخافن من غريب أو من سلامة، وهن صناع اليدين ، لا يفترن عن غزل الصوف والقطن ، ونسج السجاد والبسط ، وطحن الحبوب ، ناهيك عن الأعمال المنزلية التي يتقنها ، ولا يتوانين عنها.
هذا ولا يعرف أحد التاريخ الحقیقی الذي جاء فيه تركماننا إلى بلاد الشام ، حتى ولا التركمان أنفسهم الذين تتضارب أقوالهم في كل مكان ، ويظهر أن مجيئهم إلى بلاد الشام حدث على مرتين : الأولى قبل الفتح العثماني بعدة قرون ، في عهد الدول الأتابكية والنورية والصلاحية ، فقد ذكر التاريخ أن الأتابك عماد الدين زنكي سير طائفة منهم إلى الشام ، وأسكنهم في ولاية حلب ، وأمرمهم بجهاد الصليبيين ، وملكهم كل ما يستنقذونه من بلاد للصليبيين ، وذكرت أن نور الدین وصلاح الدين أسکنا كثيرا من أبناء جلدتهما
التركمان والأكراد في ساحل الشام وداخله، وعمل مثلهم الظاهر بیبرس التركماني واخلافه من السلاطين المماليك الترك والشركس ، وكان قسم عظيم من جند المسلمين في تلك العهود من التركمان ، فتديروا البلاد ، واستعرب كثير منهم وذاب في البوتقة الشامية ، وظل قليلهم على تركمانيته الصرحاء ، ومن هؤلاء تركمان جبال اللكام في لواء الأسكندرون وتركمان أقضية الباب وجرابلس وأعزاز وسهل العمق القريبين إلى الأناضول منذ القديم ، ولعل من هؤلاء تركمان ناحية حذور في قضاء صافيتا ، الذين ينسبون أنفسهم إلى عشيرة قايي خان,ويزعمون أنهم بعد غرق سلمان شاه جد آل عثمان في الفرات لم يلحقوا بأبنائه إلى الأناضول ، بل زحفوا جنوبا وتديروا الناحية التي هم فيها ، ومما يؤيد دعواهم جملة وردت في تاريخ الصالحية لابن کنان (ص 94) في ذكر ما حل بعشيرة قايي خان بعد موت رئيسها سلیمان شاه قوله : وتفرق من معه من التركمان في أطراف البلاد وذراريهم موجودون رحالون نزالون .أهـ
والمجيء الثاني الذي هبط فيه التركمان المناطق العربية كحماة وحمص والجولان وحوران درعا واللاذقية حدث بعد الفتح العثماني خلال القرن العاشر والحادي عشر والثاني عشر ، وظل مستمرأ في فترات متقطعة حتى أوائل القرن الثالث عشر ثم توقف ، قيل إن الذي أتی بادئ ذي بدء هو السلطان سليم العثماني لما فتح الشام في سنة 922 هجري جلب معه منهم بضعة آلاف واشتركوا جميعا في معركة مرج دابق ، فكافاهم بإسكانهم في البلاد المفتوحة، ليؤلفوا فيها نوعا من السؤدد العسكري المكلف بحفظ الأمن ، ثم اقتدی به أخلافه من السلاطين والوزراء ، فصاروا كلما رأوا النصيرية في غربي حماة وحمص يعكرون صفو الامن ,وكلما سمعوا بان البدو وخاصة الموالي في جنوبي حلب ,والفضل والسردية في جنوبي دمشق ,يستبيحون حمى المعمورة ,او يقطعون السابلة ,او يهاجمون ركب الحج ,كانوا يجلبون من عشائر التركمان الضاربة في سهول اضنة وقونية وايدن ويمنحونها قرى وضيعات من التي خلت من ساكنيها ,الى ان استغنوا عنها بجند الدرك والنظام بعد الاصلاحات التي شرع بها السلطان عبد المجيد في سنة 1255 هجرية.
هذا ويبدو ان تركمان بلاد الشام هم من عشائر مختلفة ,بعضها نسيت اسماؤها ومنابتها على طول العهد ,لكن العارفين ينسبون تركمان اقضية تل كلخ وصافيتا وعكار وحمص وحماة والجولان في الغالب الى عشيرة افشار الكبيرة الضاربة حتى الان في قلب الاناضول, حول سيواس وانقرة ,وتقارب اللهجات لانهم يماثلون رجال تلك العشيرة ونسائهم ,في صحة الابدان وجمال الوجوه, وتقارب اللهجات ,بينما ينسبون اللذين في ناحيتي الباير والبسيط في شمالي اللاذقية الى تركمان ارضروم وارزنجان وكماخ في شرقي الاناضول
والتركمان بشكل عان ما عدا اللذين يعيشون في شمال حلب واللاذقية والجولان قد استعربوا ,في اللغة والازياء, فلبسوا الكوفية والعقال ,والقنباز ,واكتسبوا اكثر العادات القروية الشامية ,بحيث صار الغريب لا يميزهم عن ابناء البلاد الاصليين, الا اذا حدق في وجوههم وعيونهم واصغى الى احاديثهم فيما بينهم, يجدهم ما برحوا محتفظين بملامحهم الطورانية وبلغة تركية قديمة سقيمة ,مخلوط الى حد النصف بكلمات عربية ومصطلحات عربية عامية ,وجميعهم بعد ان كانوا لمضي قرن او اقل ذوي سلطة وثروة غير يسيرتين , اخنى عليهم البؤس والفقر ,فلم يعد يسمع لهم ركز ,ولا يظهر بينهم ذوو شان ومكانة الا ماندر ,وهم اناس على الفطرة مغمورون, وعلى الحكم والبلواء صابرون ,ولاوامر الحكام طائعون ,وللنظام حافظون ,وهم في كل مكان ذوو صلاة حسنة مع جيرانهم ,وقد باتوا الان خلافا لسجاياهم القومية القديمة يعرضون عن التطوع في الجندية ,وعن العمل في الوظائف الحكومية ,حسبهم الانصراف الى زرعهم وحرثهم ,وضرعهم ونسجهم دون غيرها ,وهم نظيفوا المسكن والملبس ونساؤهم جميلات التكوين والخلق في الجملة.
ولبعض التركمان عناية واختصاص بصنع السجاد ,واشهر المشتغلين بذلك واحذقهم هم تركمان قرية عيدمون في قضاء عكار والحزازرة القاطنون في ناحية حذور من قضاء صافيتا ,وقد ظل هؤلاء مستقلين بهذه الصناعة قرونا, الى ان تلقفها منهم جيرانهم النصارى ,واتقنوها اتقان التركمان لها ,وكان التركمان يحصلون من السجاد ارباحا وافرة, لرواج سوقه في الايام الماضية, قبل نصف قرن, الى ان كسد منذ ان دخل السجاد العجمي الفاخر وانتشر, وكان السجاد التركماني لا يفقد شيئا من رونقه ومتانته ولونه يضاهي المخمل ,وكان الغالب صنع السجادات المربعة, الى ان بطلت هذه ,واستعاضوا عنها بما يدعونه (قياسا وليانا) وهو مستطيل بعرض متر ونيف ,وطوله حسب الطلب.
وتركمان قضاء الجولان يعنون بالضرع عنايتهم بالزرع, تبعا لطبيعة اراضي هذا القضاء ,وهم يقضون الربيع في خيامهم التي يضربونها حول قراهم ,وفي الشتاء ياوون الى بيوتهم الحجرية ,وقراهم في الجولان منبثة بين الاوعار والحجارة السود المنحدرة نحو وادي الشريعة, كالقرى التي لاقاربهم في حوران درعا وحمص وحماة المنبثة في اوعار غربي العاصي, وتركمان الجولان ذو سمعة طيبة والفة حسنة مع جيرانهم العرب والشركس ,وكبيرهم هنا هو فائز اغا بن محمود اغا ,ومحمود هذا اخو موسى اغا خليفة اللذي كان زعيم تركمان الجولان سابقا وذا سطوة وثروة كبيرتين في عهده.
ومن التركمان في انحاء حمص الشرقية قسم لا يزال على بداوته ورحلته ,يدعون (تركمان سوادية) تمييزا عن التركمان البياضية المستقرين في قرى حمص الغربية ,او لعلهم في الاصل من التركمان ذوي الغنم السود (قرة قويونلو) ,وهؤلاء السوادية يشتون في براري حمص الشرقي والجنوبية ,حول قرى القنية وحولايا وحمام ابي رباح وحسية والقصير, ويقطنون في جرود بعلبك وربما بلغوا زحلة,وقد لقيتهم مرة ذاهبين الى حوران للعمل في رجاد الزروع ,وهم يتقنون صنع اللبن الرائب ,كما ان التركمان البياضة يتقنون صنع الجبن التركماني ,والاثنان مشهوران في اسواق حمص والقنيطرة, كما يتقن تركمان حماة صنع القشطة الجامدة المعروفة في اسواق حماة بالبيرت.
ومثل هؤلاء التركمان السوادية الرحل عشيرة التركمان الضاربة في شمال الرقة, لكن هذه قد استعربت بالمرة ,ولم يبق لها من التركمانية الا الاسم ,ومثلها في الاستعراب التام العشير المسماة بالتركمان في مرج ابن عامر في حيفا من اعمال فلسطين.
اما تركمان اقضية حلب الشمالية فهم لم يستعربوا ,ولم تتحول افئدتهم وابصارهم بعد من الشمال الى الجنوب ,لاهمال المسؤولين عندنا تعليمهم وتوجيههم, وهم مقيمون ومزارعون في قراهم المذكورة انفا ,التي قسم كبير منها من املاك الدولة ,وقسم لملاكين حلبيين كال المدرس وال الجابري وال الرفاعي وال النبكي ,وهم ممتدون في حدودن الشمالية من نهر الساجور حتى جبل الكرد في عرض عميق , ويراسهم الحاج نعسان اغا بن كال محمد بن مصطفى باشا من عشيرة بكمشلي فخذ الحاج علي المقيم في قرية بلوى ميرخان منطقة جرابلس محافظة حلب.
سياسة الاسكان العشائر التركمانية في عهد الامبراطورية العثمانية
في منتصف القرن الثالث عشر تأسست إمارة في شمال غرب الأناضول عرفت بإمارة بني عثمان وما لبثت تتوسع في البلقان ووسط الأناضول حتى أصبحت ما يعرف رسمياً بالامبراطورية العثمانية.تعززت شرعية الامبراطورية العثمانية في المنطقة حين هزم السلطان سليم الأول المماليك في مصر في أوائل القرن السادس عشر في معركة مرج دابق شمال سوريا ليحظى هو بالخلافة.
وفي ظل حكم العثماني وسياسة الإسكان التي أعقبت عصر تأسيس الإمبراطورية العثمانية وعصور التوسع والانتشار لم تكن موضوع بحث ودراسة مع إن الإمبراطورية العثمانية كانت عرضة لتغيرات كثيرة في كافة المجالات محكومة في ذلك بظروف كل عصر وهكذا برزت سياسة الإسكان كنتيجة فرضتها الظروف ,فمن اهم التغيرات التي طرأت على الإمبراطورية العثمانية ان الاضطرابات الاجتماعية هدمت القرى وشتت الفلاحين الذين يشكلون القاعدة الأساسية للبنية الداخلية للمجتمع وكان اهم مايهم الدولة العثمانية المعتمدة أساسا في اقتصادها على الزراعة الرسوم التي تجنيها من الفلاحين القاعدة الأساسية للمجتمع لكن هؤلاء الفلاحين الذين ما عادوا قادرين على الزراعة نتيجة تخريب أراضيهم خرجوا من دائرة المنتجين دافعي الرسوم وامام هذا الخطر وجدت الحكومة نفسها وجها لوجه امام مسلة إسكان داخلي وكانت إحدى التدابير المتخذة لإعادة أعمار القرى هي المباشرة بتوزيع القرى وذلك بإعطاء القرية لمن يطلب تعهدها شريطة ان يجلب سكانا من خارج المنطقة لاستيطانها وأعمارها واستصلاحها وإعادة استثمارها زراعيا كما نلاحظ ان سياسة الإسكان العثمانية في القرن السابع عشر كانت تهدف إلى إعادة تعمير البنية الداخلية.
شيدت معظم القرى التركمانية بجوار طريق الحج، وأسكن فيها التركمان لحماية طريق الحج من قطاع الطرق واللصوص. حيث كان البدو يشنون غارات سطوٍ على قوافل الحجاج و التجار , أو في الثغور والاماكن المواجهة لصد الغزوات البدو من الصحراء لمناطق الحضر من الريف والمدن وكما تم اسكان التركمان أيضا في المناطق ذات الاضطرابات المذهبية الثائرة ضد الحكم العثماني السني .
برزت سياسة الاسكان العشائر التركمانية في عهد الامبراطورية العثمانية كنتيجة فرضتها بعض الظروف فمن اهمها التغيرات التي طرأت على الامبراطورية العثمانية ان الاضطرابات الاجتماعية هدمت القرى وشتت الفلاحين الذين يشكلون القاعدة الاساسية للبنية الداخلية للمجتمع . وكان اهم مايهم الدولة العثمانية المعتمدة اساسا في اقتصادها على الزراعة الرسوم التي تجنيها من الفلاحين القاعدة الاساسية للمجتمع .لكن هؤلاء الفلاحين الذين ما عادوا قادرين على الزراعة نتيجة تخريب اراضيهم خرجوا من دائرة المنتجين دافعي الرسوم وامام هذا الخطر وجدت الحكومة نفسها وجها لوجه امام مسلة اسكان داخلي.
وكانت احدى التدابير المتخذة لإعادة اعمار القرى هي المباشرة بتوزيع القرى وذلك بإعطاء القرية لمن يطلب تعهدها شريطة ان يجلب سكانا من خارج المنطقة لاستيطانها واعمارها واستصلاحها واعادة استثمارها زرعيا وان يدفع المبلغ المقطوع المذكور في دفتر المالية الى الشخص المسؤول عن تلك المنطقة. كما نلاحظ ان سياسة الاسكان العثمانية في القرن السابع عشر كانت تهدف الى اعادة تعمير البنية الداخلية وان اهم صفحة فيها هي إسكان التركمان على ضفاف البليخ في الرقة في الفترة ما بين عامي 1691-1696
بدأت السلطة العثمانية سنة 1691 بسياسة إسكان العشائر التركمانية والكردية الرحّل، وكانت مناطق شرق شمال وشرق سورية وكذلك جنوب سورية من بين المناطق المستهدفة في عملية الإسكان، وكانت الأسباب الموجبة لسياسة الإسكان عديدة ، منها: أحياء الأرض، تخفيف الضرر على المزروعات التي تحدثها التنقلات للعشائر الرحل، كما كانت بعض المناطق مثل (الرقة) تعتبر منفى للقبائل التي تتسبب في احداث “شقاوات” وفق الوصف الملازم لأحداث الاضطراب التي تحدثها هذه القبائل.
كان يعتبر تلك الاسكان معاقبة بعض العشائر التركمانية مثل الاسكان شبه نفي الى اماكن جرداء قاحلة قليلة الماء ذات مناخ غير ملائم لتربية الحيوانات والتي ادت الى فرار سكان تلك المناطق من اماكن اسكانهم هذه وتعقيب الدولة لهم ومعاقبتهم واعادتهم الى مواقع الاسكان المحددة التي صارت العشائر تعتبرها سجنا كبيرا مفتوحا ومنها منطقة الرقة منطقة جولاب اعتبرتها الدولة منفى وسجنا كبيرا للعشائر التي تقوم بحركات مناوئه للدولة اذ كانت تهدد الخارجين على القانون والنظام باسكانهم في الرقة.
ان أغلب الإسكان الذي تم شمال سورية وغربها فمعظم عشائر التركمان نقلت من أماكن ومواقع سورية أخرى أي ان العشائر التركمانية سورية قديمة أقدم من دخول العثمانيين إلى سورية بمئات السنين منذ بدايات القرن الثالث عشر ولم تأت مع العثمانيين في القرن السادس عشر كما يظن البعض ويقولون انهم من بقايا الامبرطورية العثمانية ,ولم يأت بها العثمانيون من الاناضول كما يظن البعض خطا هناك بعض العشائر التركمانية التي اتى بها العثمانيون لكن أغلب هذا البعض هرب أيام الحكم العثماني وعاد إلى حيث اتى فتركمان حلب وتركمان يني ال كانوا يخرجون للرعي صيفا في أراضي ارابكير جانيك ديفريكي بوزاوق جوروم اماسيا سيواس بينما كانوا يقضون الشتاء متنقلين في أنحاء بلاد الشام وتركمان بوز أولوس الشعب الاغبر كانوا يمضون الصيف في دياربكر وارضروم عند منابع الفرات وينزلون لقضاء الشتاء في البادية الممتدة من جنوب ماردين وحتى ديرالزور وتركمان سللورية كانوا يقضون الصيف في جبال لبنان وينزلون لقضاء الشتاء في واحة تدمر ,وهذا كله قبل العثمانيين .
وقد اندمج التركمان في الحياة العامة للدولة العربية الإسلامية بعد اعتناقهم الإسلام دينا لهم، وانخرط عدد كبير منهم في جيش الدولة ،وهو الأمر الذي مهد لهم فيما بعد ،وخاصة في العهد العباسي لأن يلعبوا دورا مهما في بعض المراحل السياسية.
أقدم عملية إسكان لهذه العشائر كان إسكان عشائر التركمان الرحّل في لواء الرقة، وأقدم قرار في هذا الخصوص يعود إلى شهر كانون الثاني سنة 1691م، حيث تم إسكان جموع قبيلة بي ديلي او (بجدلة او بكدله او بقدليه التركمانية كما يقال لهم باللغة العربية ) التابعة لقصر اوسكودار من طائفة التركمان الكبرى،وكذا تركمان بوزأولوس في الانحاء الممتدة من تل أبيض وعين العروس على ضفاف نهر البليخ، وصولاً إلى مدينة الرقة. وتقرر أن تخصص لهم اراضي زراعية وأماكن إقامة، وأن يدفعوا للجانب الميري خُمس أوسبع المحصول الذي تنتجه الأرض التي يزرعونها بحسب جودتها، شريطة أن يتصدوا لغارات الأعراب وسائر الأشقياء من تركمان وأكراد ويردوا خطرهم ويحافظوا على أمن وأطمئنان الأهالي.
كما يحظر القرار أن يخرجوا مع مواشيهم إلى المشاتي أو المصائف ويكتفون باخراج الرعاة وهم مجبرون أن يبقوا صيفاً شتاءً في أماكن سكنهم. تراجعت أعداد التركمان في شرق الفرات والشام، حتى تم استيعاب من تبقى بشكل كامل ضمن ثقافة المنطقة، وغلب عليهم الطابع العربي حتى استعربوا تمامًا، أما العشائر التي بقيت تُعرف نفسها بدلالتها التركمانية أو الكردية أو تحتفظ بلغتها، فقد كانت من نمط العشائر الرحل المتحيرة بين الأناضول والشمال السوري ، الذين تحولوا إلى أنصاف مستقرين منذ نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. في فترة العهد العثماني تم اسكان التركمان بشكل رئيسي في شمال سوريا حيث انتقلوا إلى أسلوب الحياة المستقرة، بدلا من حياة التنقل من مكان لاخر.حيث كانت في فترة العهد العثماني (1517-1917)،المجتمعات التركمانية تتمتع بحكم شبه مستقل ويقودها رؤساء وراثيين، فالقبيلة كانت تعتبر الحاكم الفعلى فى القرى السورية.
وفقا وحسب سجلات الإحصاء السكاني للإمبراطورية العثمانية في عام 1518 فقد كان عدد السكان في حلب 54276 نسمة منهم 36217 تركمانياً (والكثير منها هو حاليا جزء من تركيا) وخلال القرن السادس عشر، اسكن العثمانيين التركمان في المناطق الريفية حول حمص و حماة لكبح جماح البدو، ويكونوا بمثابة جباة للضرائب. والأمر ذاته بالنسبة للمناطق في لبنان، فقد خضعت لبنان للحكم العثماني الذي ترك الكثير من جنوده هناك كقاطنين مستقرين. لقد حصّن السلطان سليمان القانوني بن السلطان سليم الأول شمال العراق من خصومه الصفويين عام 1534. وبعد احتلاله أُحضر التركمان من الأناضول إلى المنطقة وكانوا يتبعون إلى الطائفة السنية المسلمة- ليحصل التوازن في المنطقة مع وجود الأتراك الأذريين الشيعة الذين كان الشاه اسماعيل الصفوي قد أحضرهم إلى العراق في أوائل القرن. وفي ظلّ حماية العثمانيين ازدهر المجتمع التركماني في الشرق الأوسط فتمكنوا من التآلف مع جيرانهم العرب؛ وفي الوقت ذاته حافظوا على هويتهم العرقية واللغوية لقرون. وتدفقت مجموعات جديدة إلى المنطقة كلاجئين بسبب انهيار الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر مع آلاف من أتراك جزيرة كريت، والذين استقروا في لبنان هرباً من الاضطهاد في اليونان عام 1897.
وبنى السلطان عبد الحميد الثاني مدينة الحميدية في لبنان لأتراك كريت الهاربين من وطنهم الأم؛ كما أن كثيراً منهم استقروا في طرابلس الشام والتي تؤوي حتى الآن حوالى 10 آلاف تركي كريتي.من بعد ذلك وبعد انهيار الدولة العثمانية ألحقت جزيرة قبرص ببريطانيا التي أساءت استخدام السلطة فيها من خلال استغلال التوازن الاقتصادي في الجزيرة والاستيلاء على كل الممتلكات العائدة للأوقاف والتي كانت تمثّل الثروة المجتمعية المشتركة بين القبارصة الأتراك. ومن استطاع الفرار من الجزيرة فعل ذلك؛ فغادروا بالآلاف إلى تركيا في أوائل القرن العشرين تاركين ورائهم العالقين بسبب فقرهم.
حرب العصابات لثوار التركمان ضد الانتداب الفرنسي لسوريا ..وثورة القبعة لمصطفى كمال اتاتورك:
في بدايات القرن العشرين، وبعد انفصال الدولة العثمانية عن سوريا، عقب هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، منحت تركيا ضمانة تخص تركمان سوريا من خلال اتفاقية “أنقرة” عام 1921، أي حصلت على ضمانة تخص ضم القرى التركمانية، دون التطرق للحدود السورية أبدًا. وفي أعقاب معاهدة “لوزان” عام 1922، وعندما رُسّمت الحدود السورية- التركية عام 1923 تم اعتماد الحدود الموضحة في اتفاقية أنقرة، رغم محاولات القرى التركمانية للبقاء داخل الحدود التركية، إلا أن ذلك لم يجدِ نفعًا، وبذلك بقي قسم كبير من التركمان في سوريا، وأصبحوا تركمانًا سوريين، ومنحوا الجنسية السورية
بعد ذلك حيث استمر وجود التركمان في مجتمعاتهم المحلية ،بعد انيهار الامبرطورية العثمانية مؤكدين حقيقة الانتماء إلى الكيانات الوطنية التي ظهرت في المنطقة ابان الانتداب الفرنسي لسوريا ،فقد لعب التركمان دورا مهما في تحرير مناطقهم الواقعة ضمن ميثاق ميلي , حيث تم تأسيس حلب كوفايي ميليسي من أبناء المنطقة الشمالية من سوريا في قرى التركمان دوراً مشرفا في سبيل الاستقلال الوطني من الانتداب الفرنسي , كانت هناك تنظيم ثورات واحتجاجات ضد الفرنسيين في مناطقهم ، سواء من حيث تنظيم صفوف شباب كوفايي ميليسي وحرب العصابات ضد الفرنسيين في حلب وريفها بالتعاون مع قادة الثورة السورية بعد اندلاعها من قادة العشائر العربية والكردية .
بعد طرد المفوض السامي ساراي وفد الجبل ورفض مقابلتهم وأخطرهم بوجوب سرعة مغادرتهم بيروت والعودة إلى بلادهم وإلا نفاهم إلى تدمر، فكان ذلك السبب المباشر لاندلاع الثورة السورية، حيث دعا سلطان باشا الأطرش إلى عقد اجتماع في السويداء وطافت المظاهرات أنحاء الجبل وجرى الاتصال مع عدد من الزعماء السياسيين في دمشق وعلى رأسهم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر رئيس حزب الشعب للتشاور وتنسيق المواقف، ومع أن حزب الشعب أعلن أنه يسعى لتحقيق مبادئه وبرنامجه بالطرق القانونية المشروعة، فقد تم التعاهد بين عدد من أعضائه بصفة شخصية ووفد من الجبل على إشعال نار الثورة في سورية، واتفق الطرفان على التعاون من أجل طرد الفرنسيين من سورية وتحقيق الاستقلال والوحدة. ولتحقيق هذا الهدف تواصل عبد الرحمن الشهبندر مع الزعيم إبراهيم هنانو ومع قادة روؤساء العشائرالتركمانية في المنطقة الشمالية ممثلة حينها بالزعيم التركماني كال محمد مصطفى باشا، الذين كانوا سباقون في مقاومة قوات الاستعمار الفرنسي وقد دامت أعمال المجاهدين في المنطقة الشمالية حتى 15 نيسان 1926 ومن أهم المعارك التي جرت في تلك الفترة معركة تل عمار، والتي كانت آخر معارك الثورة في تلك المنطقة، وجرت في أوائل شهر نيسان 1925.
بدأ إبراهيم هنانو بالتعاون مع قادة العشائر التركمانية وبدعم من تركيا منذ أن وطئت قوات الاستعمار الفرنسي الساحل السوري في أوائل عام 1920 وتحركت نحو الداخل السوري، بالتحرك وحرب العصابات حيث استدعى عدد من أهالي قريته الذين يثق بوطنيتهم وقدراتهم لتشكيل أول مجموعة جهادية في المنطقة الشمالية أطلق عليها اسم "جمعية الدفاع الوطني"، وبدء عدد المقاتلين المنتسبين لهذه المجموعة بالازدياد حتى وصل إلى خمسين رجلاً في قرية كفر تخاريم، وبدأت حركة تجنيد مماثلة في القرى والمناطق المجاورة من عرب وتركمان وكرد حتى أصبح عدد المجاهدين 400 مجاهد، وقامت هذه القوة المشتركة بالهجوم ليلة 18-19 نيسان عام 1920 على حارم فهزمت الفرنسيين وأجبرتهم على الانسحاب إلى القلعة الرومانية المجاورة قرب القصبة، وبقيت هذه القوة محاصرة حتى دخول القوات الفرنسية دمشق في 25 تموز عام 1920.
لم تكن الثورات المسلحة بين 1920 و1946 متصلة من الناحية الزمانية فقط، بل كانت كذلك متصلة من الناحية المكانية ايضا فثورة الشمال السوري التي قادها إبراهيم هنانو بالتعاون مع ابناء العشائر العربية والتركمانية والكردية كانت متصلة اتصالاً وثيقاً بثورة القصير في سنجق الاسكندرونة بقيادة المجاهد الشيخ يوسف السعدون من جهة، وبثورة جبل التركمان في باير بوجاق وثورة جبل صهيون منطقة الحفّة التي قادها المجاهدان نورس سوخطة (نوراز آغا) من جهة والمجاهد عمر البيطار من جهة ثانية، وهذه الأخيرة كانت مرتبطة ارتباطاً عضوياً بثورة الشيخ صالح العلي في الجبال الساحلية، وقد لعب المجاهد هزاع أيوب دور ضابط الاتصال بين هذه الثورة الأخيرة وبين الثورة في المنطقة الشمالية بقيادة إبراهيم هنانو الذي كان لديه تعاون وتنسيق وثيق مع قادة و زعماء التركمان في المنطقة امثال الزعيم كال محمد مصطفى باشا ومن ابنه الزعيم حاج نعسان اغا والمجاهد نويران اغا وبولاد دشو وغيرهم في الريف الشمالي لمدينة حلب لنيل الحرية واسترجاع كرامة الوطن من المستعمر الفرنسي.
وبعد ذلك قام بعض قادة المجاهدين ضد الفرنسيين بقيادة ابراهيم هنانو وبعض المجاهدين التركمان ممن كانوا يدعمونه في الشمال السوري في منطقة جرابلس وعلى راسهم كال محمد مصطفى باشا في شهر آب عام 1920 بزيارة إلى مدينة مرعش ليقابل قائد الفيلق الثاني التركي، حيث عقد معه اتفاقية كي تمد الحكومة التركية الثورة بالأسلحة والذخيرة، وتم توقيع هذه اتفاقية في 6 أيلول من عام 1920، عاد بعدها هنانو ورفاقة إلى سورية وبدأ ينظم صفوف المجاهدين من كافة الاطياف والعشائر العربية والتركمانية والكردية من جديد وبعد استتباب الأمور التنظيمية قام هنانو بإعلان الثورة في أواسط شهر أيلول عام 1920.
بعد انضمام جمهورية هاتاي رسمياً إلى تركيا في 29 يونيو 1939. وكانت في سنجق إسكندرونة الخاضع للانتداب الفرنسي ,حينها الهم التركمان في المناطثق الشمالية في سوريا وخاصة تركمان حلب حيث رفعوا العلم التركي فوق قلعة حلب عام 1941 اعتزازا. الاصلاحات التي حصلت في المدن التركية بعد الاستقلالها اعطت الامل لتركمان سوريا بالخلاص من الاستعمار والانضمام الى وطن الام. وفي تركيا بعد حرب الاستقلال ، بدأ أتاتورك في القيام بالثورات التي خطط لها مسبقًا.حيث ظهر مصطفى كمال اتاتورك في مدينة كاستامونو ، أمام جموع من الناس بقبعتة المشهورة ويعلن بان على الشعب التركي ارتداء القبعة وحينها سميت بثورة القيعة في تركيا . ومن ثم اصدر قانون في عام 1925 لتنظيم الزي واللباس و تغطية رأس الرجال باستخدام القبعات وملابس خاصة حسب المعايير الاوروبية .
كل هذه التحركات في وطن الام تركيا كانت لها صدى لدى التركمان في سوريا .عندما رفض قبول التركمان سوريا في دخول للبرلمان السوري في فترة الانتداب الفرنسي وبعده بحجة انهم اتراك ,تواصل بعض قادة العشائر التركمانية السورية متمثلة برئيس العشائر التركمانية في الشمال السوري حينها الزعيم كال محمد مصطفى باشا مع اخوانهم في تركيا حيث كان علاقته بالجانب التركي جيدة جدا ,من اجل جلب قبعات التركية من مدينة غازي عنتاب وتوزيعها على التركمان السوريون بعد اتهام جهات عربية وفرنسية للتركمان بانهم اتراك ويعملون تحت اجندات تركية ,حينها قام رئيس عشائر التركمان الزعيم كال محمد مصطفى باشا مع بعض قادة بعض زعماء العشائر الاخرى بجلب القبعات من مدينة غازي عنتاب وتوزيعها على التركمان اجمع لاظهار شعورهم وارتباطهم إلى وطنهم تركيا الام وكذلك لاثبات للجهات التي رفضت اعطاء التركمان مقعدا في البرلمان السوري حينها ,يعني ان لم تعترفوا بالتركمان كمواطنين سوريين فاننا سنبصح اتراكا وننضم الى وطن الام تركيا ,هذا ما اراد قوله زعماء العشائر التركمانية في تلك ,ولكن التركمان كانوا ومازالوا يعتزون بتركمانيتهم وبوطنيتهم السورية الى الان .
بعد تلك الحركة من قبل التركمان بفترة قصيرة تم القاء القبض على زعيم العشائر التركمانية حينها كال محمد مصطفى باشا وشقيقه كال خليل مصطفى باشا مع بعض قادة التركمان في المنطقة ووضعهم في السجن من قبل الفرنسيين واتباعهم من الخونة ،ومن ثم تم تسميمهم جميعا من قبل الفرنسيين داخل السجن ادى الى استشهادهم. واستلم قيادة رئاسة العشائر التركمانية الزعيم حاج نعسان اغا ابن كال محمد مصطفى باشا حيث قاد الجهاد مع بقية زعماء العشائر التركمانية والعربية والكردية النضال ضد الانتداب الفرنسي اينما وجدوا وخاصة في منطقة جرابلس ومنبج واعزاز وكذلك للتركمان مآثر مشهورة لدى أهالي منبج لدى وقيعة شيخ يحيى فقد عوقبة القرى التركمانية الثائرة بحرق القرى مع المحاصيل , وكما لعب تركمان اللاذقية بقيادة نورس أغا وسوخطة أغا نضالا مشرفاً الى جانب نضال تركمان جولان بقيادة عيد أغا وجماعته ضد الاحتلال الفرنسي و لهم دور معروف في المقاومة الشعبية التي ظهرت في الجولان أثناء حرب 1967 ضد الاحتلال الاسرائيلي وقدموا مئات الشهداء .التركمان لم يكونوا يوماً عملاء او مرتزقة لا للغرب ولا لغيرهم , ولكن مع الاسف لم يتم تدوين نضال التركمان من قبل العرب في ظل الأنظمة القومية العربية بغية تهميش و إنكار وجودهم في المنطقة .
الانتهاكات التي تعرّض لها التركمان في العراق وسوريا:
عانى المكوّن التركماني في العراق وسوريا العديد من صور الاضطهاد والانتهاك من قِبل النظام البعثي ، فقد تعرّضت الهويّة التركمانيّة للتهديد إثر سياسة التعريب في المدارس، وتغيير الأسماء المناطق والقرى التركمانية وتغيير الألقاب القوميّة من التركمانيّة إلى العربيّة.كما عمدَ النظام البعثي في سوريا والعراق إلى إجراء تغييرات واسعة من حيث الترتيبات الإداريّة. وتعرّض التركمان في سوريا والعراق أيضاً للسجن والاعتقال والإعدام لأسباب سياسيّة وقوميّة، كما عانوا من التهميش والإقصاء والاضطهاد في فترة حكم النظام البعثي في سوريا والعراق .
ظلت الدساتير السورية تركز على فرض عربية الدولة واللغة والثقافة على معظم المكونات الأخرى داخل البلاد، وقد جاء في المادة الثالثة من دستور 1920: ( إن اللغة الرسمية في جميع المملكة السورية هي اللغة العربية )، فيما ثبت بنفس الصيغة في المادة الرابعة من دستور 1950( اللغة العربية هي اللغة الرسمية )، وجاء دستور عام 1973 في ظل حزب البعث ونظامه القوموي بإضافات جديدة بعد أن ثبت بدوره نفس صيغة الدساتير السابقة في ان اللغة العربية هي الرسمية، حيث شرعت في الفصل الثالث منه على فرض الثقافة واللغة العربية كأساس للدولة والشعب دون الإشارة إلى وجود لغات اخرى، ولم يكن دستور عام 2012 أفضل حالاً من سابقها بل كرست فرض اللغة العربية دون الاشارة إلى وجود لغات سورية أخرى.
إعتماداً على تلك النصوص من الدساتير السورية المتعددة خلال 90 عاماً شرعن التيار العربي القوموي المتصاعد بعد عام 1959 جميع القوانين العنصرية التي تساعد في تذويب الثقافات الأخرى داخل البوتقة العربية، لتصبح ممارسة اللغة والثقافة التركمانية والكردية المكتوبة والمقروءة في مرمى التجريم والعقوبة والاحكام القاسية امام محاكم أمن الدولة.
 
حملات الإستيعاب وتعريب التركمان
سياسة الاستيعاب التي طُبقت على تركمان العراق، قد بلغت ذروته في عهد نظام صدام حسين ، لكن تم تطبيقها على التركمان السوريين مبكراً في العقد الثالث من القرن التاسع عشر. حيث تم حرمانهم من كافة الحقوق القومية والثقافية، ليست لديهم مدارس لتعليم أطفالهم لغتهم الأم، في حين تم منح الطوائف الأخرى الحقوق فى تعليم لغتهم. حيث منع إدخال أي مطبوع مما هو مكتوب باللغة التركية مثل الصحف والمجلات والكتب قد حُرم التركمان السوريين القراءة في اللغة الأم. وعلاوة على ذلك، اعتبار امتلاك هذه المطبوعات جريمة ويعتبر خيانة
وكذلك السينمات لا يمكن أن تعرض افلام تركية. في الأربعينات، تعرضت المناطق التركمانية للعديد من غارات العرب في سوريا. في 21 1945، قرية بالمقاطعة الفرعية من البوجاق ، تعرضت لغارة. قتل فيها زعيم القرية و 4 أطفال له وسرق منزله. ووقع هجوم آخر في قرية سالمير من منطقة باير-بوجاق يوم 29 عام 1945.انخفض التمثيل المجتمعي لتركمان سوريا في البرلمان عمدا بعد الاستقلال، وكان لا يسمح لهم في أن يمثلوا قوميتهم في مجلس الشعب السوري في الانتخابات 1954. وفي عام 1953 تم إلغاء النظام الطائفي تماما.
والمزيد من التشريعات التى قلصت الأحوال الشخصية الخاصة بهم.كما أنهم منعوا من المشاركة في القطاعات العسكرية والأمنية، ومنعهم من الحصول جوازات السفر، كما تم حظرهم من أن يعينوا في المكاتب الحكومية ولم يسمح لهم بإنشاء الجمعيات الثقافية والاجتماعية والرياضية .
كما أنّ النزعة القوميّة التي يتّصف بها حزب البعث الحاكم جعلته يقوم بحملةٍ واسعة مستهدفاً فيها التركمان بإجبارهم على تغيير هويّتهم القوميّة، وكان بإمكانه أن يحمي القوميّة التركمانيّة ويدعمها حتى تكون عامل توازن في الصراع العربي الكردي الذي بدأت معالمه تظهر بقوّة، لكنّ نزعته القوميّة استهدف التركمان وهويّتهم القوميّة.
في زمن التعريب الممنهج للتركمان في سوريا والعراق ظل عددهم سراً من الأسرار، وفي طي الكتمان لدى السلطات البعثية القومجية في سوريا ، حيث دأبت الحكومات المتعاقبة على عدم وجود وذكر هذه القومية من فسيفساء المجتمع السوري وتدوينهم في قيود النفوس على اساس( ع .س) اي عربي سوري وان ذكروا تم إظهار عددهم بنسب ثابتة لا تتغير وهي 2% التي لا تمت إلى الواقع بصلة، بحسب كثير من المتابعين، ومورس بحقهم عمليات صهر قومي، وسياسة تعريب واضطهاد ممنهجة، إلا أن الكثيرين منهم لازالوا يحافظون على لغتهم، وعاداتهم، وتقاليدهم رغم انف الحاقدين في مؤسسات دولهم ومجتمعهم .
خطّط النظام البعثي في العراق وسوريا إلى تفكيك الوحدات الإداريّة للأقضية والنواحي المرتبطة بالمناطق التركمانيّة في العراق كركوك، وفي سوريا مناطق محافظة حلب وريفها وفي اللاذقية منطقة باير بوجاق من أجل تفتيت المجتمع التركماني وقطع الصلة بين أبنائه وتماسكهم، لذلك عمدَ النظام على فكّ ارتباط الأقضية والمناطق التركمانية وربطه إدارياً بمحافظات بعيدة اداريا عن بعضها البعض.
ضمن محاولات طمس الهويّة القوميّة تعرّض التركمان منذ انهيار الامبراطورية العثمانية ، لاضطهاد وانتهاك كبير لحقوقهم كمواطنين في مناطق تواجدهم في سوريا والعراق ولبنان وغيرها من البلدان، وفُرض عليهم حالة من الاغتراب القسري داخل الوطن، في الوقت الذي أدّوا بإخلاصٍ منقطع النظير واجباتهم تجاه وطنهم.
فبالرغم من أنّهم يمثّلون القوميّة الثانية بعد العرب في سوريا والقومية الثالثة في العراق بعد العرب والأكراد، إلاّ أنّ دساتير في سوريا والعراق، لم تتطرّق إليهم بشكلٍ خاص، بل إنّهم حُرموا حتى من أبسط حقوق المواطنة، حيث إنّهم أُجبروا على تغيير قوميّتهم إلى العربيّة وفق قرارات اتّخذها النظام وفرض عليهم قسراً..
وفي حال امتناع المواطن التركماني من تغيير أو (تصحيح قوميّته.!!) وتسجيل ذلك في سجلاّته الرسميّة، فإنّه يتعرّض إلى شتّى أنواع الانتهاك، منها: نقل الموظّفين منهم إلى مناطق نائية.. وتوقيف العلاوات والترقيات ومخصّصات الخطورة وغيرها.. وتنزيل مناصبهم الإداريّة..!!
كذلك اتّبع النظام ضمن سياسة طمس الهويّة القوميّة للتركمان، فرض حظر على النشاطات الثقافيّة والفنيّة والاجتماعيّة للتركمان، فخلال فترة حكم حزب البعث منذ تموز 1968 لم يُمنح إذنٌ لتشكيل أيّة فرقة مسرحيّة أو موسيقيّة أو جمعيّة اجتماعيّة أو نادي ثقافي.
كذلك تمّ حظر نشاطات الفِرق الفنيّة المؤسّسة قبل وصول البعث إلى الحكم، ومن أبرزها الفرقة القوميّة التركمانيّة للفنون.كما يُمنع شباب التركمان من ممارسة مواهبهم الفنيّة.ونالت النشاطات الرياضيّة أيضاً نصيبها،وكذلك فُرض تعتيم إعلامي على نجاحات الرياضيين التركمان في المسابقات التي تجري في الداخل وحرمانهم من الاشتراك بالمسابقات الدوليّة، رغم أحقّيتهم في الاشتراك بها طبعا كل هذه الممارسات كانت تمارس بحق التركمان في ظل النظام البعثي القومي العروبي في سوريا والعراق.
حرمان التركمان من بيع وشراء العقارات في المناطق التركمانيّة حيث أعادَ النظام البعثي العمل بعدم السماح للتركمان في شراء العقارات أو بيعها في المناطق الشمالية في سوريا ومناطق انتشار التركمان في العراق وخاصة مدينة كركوك، والذي كان قد أوقفه لفترةٍ قصيرة بعد انتهاء الحرب العراقيّة ـ الإيرانيّة، ويقضي القرار بضرورة قيام المواطن التركماني صاحب العقار بإبلاغ الدوائر الأمنيّة للحصول على موافقتها، حيث تمتلك هذه الدوائر صلاحيّة الرفض أو القبول..
ضمن طمس الهوية التركمانية تم تغيير أسماء الأحياء والقرى عمدَ النظام البعثي في سوريا والعراق منذ بداية السبعينيات إلى تنفيذ مخطّط ضدّ التركمان من خلال تغيير الطابع الإداري والسكّاني لمناطقهم المعروفة تاريخيّاً، شملت خطّة التغيير البعثيّة أسماء الأحياء والأسواق والشوارع والجوامع وحتى المحلاّت في كركوك، حيث تمّ تغيير اسم منطقة بني تسعين (تسعين الجديدة) إلى حي البعث، ومنطقة (أوجي) إلى حي الزهراء، وحي (باموقجيلار) إلى حي المنصور، و(سوق القوريّة) إلى سوق البعث، وتحوّل اسم (جسر الطبقجلي) إلى جسر القائد، ومحلّة (جقور) إلى حي العرب، ومحلّة (صاري كهية) إلى حي سومر . في سوريا تم تغيير أسماء القرى التركمانية الى العربية مثل قرى طاشلي هيوك (تل الحجر) اغداش (حجر الابيض) هواهيوك (تل الهوى) مهريبان ميرخان (سلوى) قلقوم (النهضة) جوبان باي (الراعي)
كما تمّ تغيير أسماء بعض القرى التركمانيّة في العراق إلى أسماء عربيّة، فقد تمّ تغيير اسم قرية (شيرينجة بولاق) إلى اليرموك، و(زينده نه) إلى مصر، و(يارمجة) إلى جدّة، و(قارالي) إلى الرهتاد، و(بيوك صاري تبه) إلى الرعو، و(كوجك صاري تبه) إلى الوليد، و(يوقاري روجيباطي) إلى المنتدى، و(اشاغي روجيباطي) إلى الكندي، و(طوقماقلي) إلى الخنساء، و(ترجيل) إلى القادسيّة، و(ينيجة) إلى حي الصحفيين.
أقدمَ النظام البعثي في سوريا والعراق على تنفيذ العديد من أحكام الإعدام، السبب هو حساسيّة الانظمة البعثية ومعاملتها للتركمان كطابور خامس لتركيا، بحيث أصبحوا موضع الشك الدائم حتى باتت تلاحقهم هذه التهمة الواهية في حلّهم وترحالهم.والدليل على هشاشة هذه التهمة وبطلانها، هو عدم إلقاء القبض في تاريخ العراق الحديث على أيّ تركماني أو محاكمته أو إعدامه بتهمة التجسّس لصالح تركيا أو لأيّ جهة أجنبيّة!!
وفيما يخصّ الحقوق الثقافيّة فقد عمدَ النظام إلى منح الحقوق الثقافيّة والتعليميّة للتركمان وسحبها بعد فترة قصيرة، لم يكن سوى عمليّة التضليل والاحتواء، يتبعها سياسة قسريّة مبرمجة تهدف إمحاء وجودهم التاريخي من جذورها، ولكن قبل ذلك قد يكون من المفيد إلقاء نظرة أوّلاً على سياسة التضليل والاحتواء فيما يخصّ بسيناريو منح الحقوق الثقافيّة والقوميّة للتركمان وكيفيّة سحبها....
وفي سوريا مارس البعثيون في سوريا تعريبا واسع النطاق طال أسماء قرى وبلدات، سكان بعضها كرد وتركمان. عرّبوا أيضا التعليم على نطاق أوسع من ذي قبل، وأطلقوا أكثر من حملة لتعريب أسماء محلات تجارية في المدن السورية، كانت تحمل أسماء أجنبية. لكن أكثر ما عربه البعثيون هو العرب أنفسهم. فقد جعلوا من عقيدتهم القومية العربية التعبير الحصري والصحيح والوحيد للرابطة العربية، بحيث لا يكون الواحد عربيا حقا إن لم يكن مواليا لتلك العقيدة ولحزب البعث.
كانت عملية تعريب العرب على هذا النحو سلم صعود لنخبة جديدة، عسكرية، ريفية المنابت غالبا، أحالت النخبة السياسية السابقة عليها، العربية أيضا، إلى حطام سياسي.استجاب التعريب لمنطق التوحيد والتنميط الذي تمارسه دولة مركزية، تعمل على صهر سكانها وتجانسهم وفرض قالب موحد عليهم، وتتوسل الايديولوجية القومية أداة للتعبئة والتحشيد. كان البعثيون دوما أدنى كفاءة وأفسد وجدانا من أن يعملوا بصورة نسقية على التنميط والتوحيد والمجانسة والصهر، بصرف النظر عن القول في هذه السياسة أصلا.
بعد ستينيات القرن العشرين تعريب أسماء بلدات وقرى التركمانية ، ومنع الناس من التكلم بلغتهم في قراهم وبلداتهم حتى منعوا من ممارسة عادتهم وتقاليدهم في الاعياد والاعراس ومنع الغناء بلغتهم التركمانية، وحتى منعوا من تسمية أطفالهم بأسماء تركمانية، وهذا في سياق سياسة تصادر على الصفة العربية للسوريين جميعا. كان الالتفاف على هذه الموانع متعذرا في أحيان كثيرة، لكنه مهين في كل حال.
وأسوأ صفحات التعريب تمثلت في»الحزام العربي»، وهو مشروع إحلال قومي يقلل من شأنه جمال باروت في كتابه المهم عن الجزيرة السورية، جاعلا من ركاكة التنفيذ البعثية المعتادة فضيلة ( أنجز في مطلع سبعينيات القرن العشرين وشمل إسكان فلاحين عرب، غمرت قراهم بحيرة سد الفرات، في قرى التركمانية والكردية على الحدود الشمالية والشرقية .
وبعد عام 2011 غادر غالبية السكان التركمان المتواجدين في أرياف اللاذقية منطقة باير بوجاق وجبل التركمان و حمص الشمالي وجنوب حماة منازلهم خلال التسوية التي تضمنت إجلاء الأهالي المعارضة السورية، حيث غادر أغلب سكان تلك المناطق منازلهم في شمال اللاذقية وشمال حمص وجنوب حماة بموجب تسوية تمت بوساطة روسية أعادت خلالها المنطقة إلى سيطرة الحكومة. حيث إن منطقة جبل التركمان تعرضت لعملية تهجير منظمة منذ بدء الثورة السورية عام 2011، وذلك على يد النظام.
في مرحلة مبكّرة من الثورة، عمل النظام السوري بجهد للسيطرة على المنطقة التي تقع بين مدينة اللاذقية، والتي تُعتبر مركز ثقله البشري، وبين الجارة الشمالية تركيا التي تدعم المعارضة السورية، وهي منطقة تضم غالبية من التركمان السوريين. لكن أهالي المنطقة وقفوا بوجه النظام وانخرطوا في الثورة حالهم كحال الكثير من المناطق والمدن السورية ممن كانت يعاني من تهميش وممارسات تمييزية وفقدان للحقوق.
ونظرا للأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة بالنسبة للنظام وخوفا من تمدد النفوذ التركي فيها، تعامل مع المنتفضين في تلك المنطقة بالذات بعنف زائد. واستخدم سلاح الطيران والقصف العشوائي لتلقين التركمان المعارضين درسا قاسيا ولإفهام تركيا أنها لن تحصل على تلك المنطقة بسهولة. لم يستطع النظام السوري هزيمة التركمان خاصة في جبل التركمان، فبأس التركمان كان شديدا.ورغم فشل النظام إلا أن عشرات الآلاف من أهالي المنطقة أُرغموا على اللجوء إلى تركيا نتيجة القصف المتكرر لقوات النظام على قراهم تم عملية التهجير نزح 80% من مجموع السكان التركمان في ريف اللاذقية، إلى أن أفرغت منطقة جبل التركمان من سكانها.ويُقدر عدد سكان منطقة جبل التركمان بـ175 ألف مدني موزعين على 70 نقطة ما بين قرية ومزرعة، أن تركمان منطقة باير بوجاق كانوا يشكلون عائقا أمام مشروع النظام وحلمه في إقامة دولة على أساس طائفي تضم نصيريين في المناطق الموالية في سوريا، وصولا إلى لواء إسكندرون في تركيا الذي تقطنه أغلبية علوية أيضا.
والأمر الأخر مناطق سيطرت وحدات حماية الشعب الكردية لايختلف عملية التهجير الممنهج للتركمان من قراهم ومناطقهم تمهيد للطريق أمام إقامة دولة كردية، إن المشروع يلتقي أيضا مع مشروع النظام بإقامة دولته الطائفية، حيث اتهم وحدات حماية الشعب الكردية الساعية لتحقيق حلمها بإقامة دولة على أساس عرقي، بالتنسيق مع النظام وتحالفها معه من أجل تقسيم سوريا وتوزيع النفوذ فيما بينهما. التركمان في كلا المنطقتين وقفت في وجه مشروع إقامة الدولة الكردية في ريف الرقة الشمالي ومنعت قيام الدويلة النصيرية في اللاذقية.
وفي كل الأحوال، الايديولوجية القومية التحديثية تقوم مفهوميا على التمييز العنصري ضد الأقوام الأصغر في المجتمعات، وخاصة في الشرق الاوسط وأفريقيا وهذا بصرف النظر عن اتساق أو عدم اتساق التطبيق، وعن صفته الكيدية الإخضاعية المحتملة، أو بالعكس الالتفاف عليه والتغاضي عن تطبيقه. يمكن لعدم اتساق التطبيق، وللالتفاف، أن يكونا، بالأحرى، حلولا لما يولده هذا النهج من مشكلات، سواء كان منبعهما اضطراب التطبيق والالتفاف عليه من جميع جوانب الحياة ضمن حدود قدرة نخبة الحكم أم مقاومة المجتمعات المحلية.أما الجماعات الأكبر، مثل العرب في سوريا والعراق وكثير من بلدان المشرق العربي وفي شمال أفريقيا، والفرس في إيران، فإما تتماهى إيجابيا بصورتها القومية الجديدة، أو في أقل حال لا تقاومها. من يتعلقون بصورة العيش المشترك القديم ما قبل القومي لجماعات متنوعة يجدون أنفسهم مهمشين اجتماعيا وسياسيا وثقافيا ، لا تأثير لهم في المجتمع الذي يعيشون فيه.
علما ان مسلمون الأوائل لم يمارسوا أيا من التعريب الفوقي و لكن حضارتهم الاسلامية العربية استوعبت كل الأعراق لأن العربية كانت بها لغة الكتاب الجامعة و لسان الرسول البشير النذير و ليس لغة ” القوم” فأقبل عليها الكل و كتب بها الكل فتعرب باللسان الكل, و لكن بقي للآخرين لغاتهم التي يعتزون بها و قومياتهم التي أثرت الحضارة و فخرت بها و عاداتهم و تقاليدهم التي امتزجت بعادات الآخرين فبزغ نجم الغزالي كما بزغ نجم قطز وبيبرس ونجم نور الدين زنكي وبزغ نجم صلاح الدين الأيوبي و عرفهم التاريخ كما عرف خالدا العربي.
البعثيون استغلوا العروبة لتحقيق مآربهم و لطمس قيم المواطنة و الانتماء. طبعا نتمنى ان تكون المجتمع السوري بكل أطيافهم من عرب وتركمان وكرد وجركس سوريا النظر و العبرة و التفرقة بين الحالتين, و الا بقينا ندور جميعا في حلقة مفرغة من غلبة النزعات القومية و العرقية.
علاقة التركمان مع الأكراد والعكس في العراق وسوريا حيث تلعب السياسة دورا كبيرا في خلق الاشكالات بين أي مكونين بل وحتى داخل المكون الواحد.. ومع ذلك فالاشكالات بين المكونين الكردي والتركماني أقل بكثير مما بينهما وبين العرب مثلا أو مما بين الشيعة والسنة …أما من ناحية الشعبين فأقول بكل بثقة بأنها علاقة ود وتعاطف وحسن معاشرة واحترام متبادل.
حيث عانى الشعبان في سوريا والعراق من حملات التعريب الممنهج للناظ البعثي بدرجة متقاربة.. فقد هجر منها الكثير من الكرد والتركمان وأصدر قرارات ظالمة منها على سبيل المثال منع الكردي من شراء بيت في كركوك ومنعه من بيع بيته لكردي بل يحق له فقط ان يبيعه لعربي او تركماني وكذلك يمنع التركماني من شراء بيت من عربي ويمنع من أن يبيع بيته لكردي.. كما أنه منع تعيين أي موظف في دوائر الدولة في كركوك وحتى إن كان من سكنتها إلا إن كان عربيا.. فالكردي أو التركماني لايعين في مدينته بل في أية محافظة أخرى ومن ضمن إجراءات التعيين كان يشترط أن يجلب كتاب تأييد من الجهاز المركزي للإحصاء يؤيد كونه من القومية العربية أو عليه أن يروج معاملة ماتسمى ب(تصحيح القومية) من القومية الكردية أو التركمانية إلى القومية العربية.
وتجد ولحد هذه اللحظة المتأثرين بالفكر القوموي العربي ينظرون باستعلاء نحو غير العرب.. وخير مثال على ذلك إجابة أحدهم على سؤالك هذا وجاء في معرضه بان الكرد والتركمان دخلاء على شمال سوريا وشمال العراق وأرجع تاريخ سكنهم فيها إلى عهد الدولة العثمانية.. فلن أحدثك عن كتب المؤرخين الأكاديميين العالمين بل على الأقل كتب المؤرخين والرحالة العرب المسلمين الذين تحدثوا عن التركمان والكرد في تلك المنطقة منذ الفتح الاسلامي وعن التركمان منذ العصر العباسي على الأقل.
يستخلص ممّا تقدّم: أنّ النظام البعثي في العراق وسوريا منذ سطوهم على الحكم اتّبع سياسة عنصرية ضدّ التركمان والاقوام الاخرى كانت سياسة الاحتواء، ومن ثمّ سياسة الدمج القسريّة وفرض بموجبها عليهم مغادرة مناطقهم ومسح قراهم، وإجبار الكثير من أبناء القوميّة التركمانيّة على تغيير قوميّته، ومَن رفضَ زُجّ به في السجون والمعتقلات، ومَن رفعَ صوته معترضاً على الغدر والظلم الذي حاق بأبناء قومه سِيق إلى القتل والإعدام دون وجه حق قانوني.
أن تأثير التركمان والأتراك، في الحياة الاجتماعية السورية والعراقية واضح وجلي، من خلال استخدام المفردات اللغوية التركية في اللهجة العامية، وتأثر الفلكلور التركماني بثقافة وتراث تلك الشعوب والتأثير بها وبالإضافة إلى العادات والتقاليد التركية التي أصبحت جزءً من الحياة اليومية في البلاد، وان معظم المأكولات والحلويات الشامية الذيذة تركية المنشأ والمواصفات والاسم. تجمع التركمان مع أخوانهم العرب والأكراد وغيرهم رابطة حب الوطن والانتماء إليها، وانهم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي لسوريا والعراق وشعبها العريق ولن تتنازل عن ذرة من ترابه والاستعداد الدائم للدفاع عنه في الملمات والمحن. ان الشعب التركماني معروف بوفائه وعدم تصيده في الماء العكر فانهم خير سند لهذه البلاد العريقة
ان التركمان يبقون أوفياء للبلدان التي أصبحت وطنا لهم، يحافظون على سيادته وحريته وكرامته، ويكونون دوما عناصر البناء لا الهدم وعناصر الوحدة لا للانفصال. لبناء مجتمع إنساني حضاري يتسع للجميع. مبنيي على أساس المساواة في ظل ضمانة دستورية وقانونية يعترف بالقومية التركمانية والكردية إلى جانب القومية العربية.
فالقومية التركمانية هي مكوّنٌ أساسي من مكونات الشعب السوري والعراقي واللبناني والفلسطيني ، أثرت بشكلٍ ايجابيٍّ وفعال في حضارة وتاريخ المنطقة، وأبناؤها ملتزمون بالنهج الوطني ، ويؤكدون على وحدة أوطانهم أرضاً وشعباً، وهم قادرون على لعب دور جسرٍ حضاريٍّ بين العالمين العربي والتركي وذلك بحكم معرفتهما بحضارة ولغة وعادات كلا الطرفين.
ويشكل التركمان الاقلية الأكبر في معظم المدن وعلى هذا يمكن القول إن التركمان جنس بالغ التأثير في مجريات الأمور وتطوراتها على ساحتي السياسة والعلم، فقد تحكموا لعقود وقرون طويلة في صنع القرار السياسي داخل بلاط الأسرات الحاكمة لبلاد العرب والفرس كما أخرجوا إلى الحضارة عددا من أبرز العلماء، ولذلك ـ ولأسباب أخرى يجب أن يحسب للجنس التركماني حسابه في موازين القوى ومعادلات التأثير.
ان النظام السوري ذاهب لا محالة إلى السقوط شئنا ام أبينا كما سقط نظام البعثي في العراق ولذلك فان على التركمان في سوريا التحرك ضمن هذا الإطار والعمل على توحيد رؤى جميع التيارات السياسية في مظلة واحدة إضافة إلى وضع إستراتيجية ثابتة لمرحلة ما بعد النظام والاهم من ذلك رسم خارطة طريق للتعامل مع مراكز القرارات التي سوف يكون لها دورا بارزا في المستقبل وتوسيع رقعة التحرك وإعلام الآخرين بأحقية أن يتبوأ التركمان مكانة مهمة في المرحلة القادمة من خلال عدم الاعتماد على مصدر واحد بناء هذا المنظور.
فوق كل هذا السياسة لا تبنى على الكمية والعدد وإنما تبنى على اللاعب في الوقت الصحيح,وحسب إحصائيات من مصادر حكومية رفيعة المستوى فأن هنالك بعض المكونات في العراق وتقل عددا من التركمان يستحوذون على مناصب عاليا في الحكومة والدولة بحيث لا يمكن مقارنته مع المناصب الممنوحة للتركمان في العراق لذا من الأصح أن يعتمد التركمان في سوريا على أنفسهم وان يختاروا الوقت والمكان الملائمين لكي ينفذوا إستراتيجيتهم في التعامل مع الوضع الذي سيسمى ب(سوريا الجديدة).
التركمان في سوريا يريدون من سوريا الجديدة أن تكون دولة واحدة لجميع مواطنيها، دولة الحرية والعدالة والحياة المدنية، دون تقسيم ولا محاصصة، ليقدموا بذلك نموذجا لبقية مكونات الشعب السوري التي ينبغي عليها أن تحافظ على هوياتها القومية، بقدر ما تتمسك بوحدة التراب السوري والهوية السورية الواحدة.
وأن نجاح الثورة السورية سيجعلهم ينالون حقوقهم الدستورية والسياسية والثقافية واللغوية والديمقراطية، ويناضلون ويلتصقون بالثورة من أجل الحصول عليها، وضحوا بالالاف من الشهداء والمعتقلين في الحرب الدائرة منذ 2011 لهذا الهدف لا لغيره. ويأمل السوريون عامة والتركمان خاصة أن تنتهي أزمتهم قبل أن تدخل هذه الشريحة في متاهات المساومات الإقليمية وتُبعدها عن أصولها.
المصادر
1- تركمان العراق تأريخهم ومناطقهم وثقافتهم.
2 - التاريخ السياسي لتركمان العراق.
3- التأريخ السياسي لتركمان العراق.
4- في فلسفة الترك والتركمان مدونة محمد عثمانلي مدونات الجزيرة.
5-التركمان في لبنان مدونة غولاي الأسعد على موقع ترك برس.
6- معجم الأنساب والأُسر الحاكمة في التأريخ الإسلامي.
7- دراسة ..حكاية التركمان في الشرق وشمال افريقيا والتي لم تحكى بعد .. جذورهم واماكن توزعهم وعاداتهم للدكتور مختار فاتح بي ديلي طبيب وباحث في الشأن التركي وأوراسيا.
8-كتاب الأوغوز التركمان للبروفسور التركي فاروق سومر ( استاذ التاريخ في جامعة انقرة و احد اكبر المؤرخين في العالم التركي) .
9-دائرة المعارف الإسلامية، الجزء الأول، الطبعة العربية، أحمد الشناوي، إبراهيم زكي خورشيد، عبد الحميد يونس، دار الفكر، القاهرة،1933 .
10-كتاب الأتراك في التاريخ. البرفسور إيرول كونكور مطبوعات 2005 .
11-كتاب لغة الأتراك ، فؤاد بوزكورت ، تاريخ النشر 2012-08 .
12-موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين تأليف المؤرخ العراقي عباس العزاوي
13-الامبراطورية العثمانية - تاريخها السياسي: سعيد أحمد برجاوي تاريخ النشر: 1993 .
14-جذور التركمان في بلاد الشام بقلم الدكتور مختار فاتح بيديلي/مجلة الاخاء مجلـة ثقافيـة ادبيـة فنيـة تراثيـة فصليـة خريف 2020 السنة 60 العدد 366 .
15-موجز تاريخ التركمان في العراق ـ الجزء الاول ـ شاكر صابر ضابط .
16-جدل الهويات / سليم مطر/ بيروت 2002 .
17-البرق الشامي:الجزء الثالث / تصنيف عماد الدين الأصفهاني الكاتب ؛تحقيق وتقديم مصطفى الحياري.1987 .
18-الكتاب: فتوح البلدان المؤلف: أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري (المتوفى: 279هـ) بيروت: 1988 .
19-الكتاب: تاريخ البصروي المؤلف: علي بن يوسف بن علي بن أحمد، الشهير بالبصروي المحقق: أكرم حسن العلبي الناشر: دار المأمون للتراث - دمشق الطبعة: الأولى، 1408 .
20-كتاب تراب ميثاقي ميلي: منبج وتاريخها ، منشورات الثقافة المثالية ، اسطنبول 2017 .
21-رحلة ابن بطوطة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار المؤلف محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم ابن بطوطة أبو عبد الله .
22-كتاب الروضتين : في أخبار الدولتين النورية والصلاحية / تأليف شهاب الدين عبد الرحمن بن اسماعيل بن ابراهيم بن عثمان المقدسي الدمشقي الشافعي .
23-كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب - ج ١. المؤلف ابن العديم المحقق: الدكتور سهيل زكار .
24-الأقليات والعلاقات الاثنية في شرقي المتوسط: بقلم- فايز سارة.عرض وتلخيص نصرت مردان .
25-يلماز أوز طونا، التاريخ التركي منذ البدء إلى يومنا، الجزء الثاني، منشورات الحياة، اسطنبول 1964 .
26-الحكومة الوطنية ومسألة الشمال، من منشورات دار الجمهورية بغداد 1965ومجلة تورك كولتوري(الثقافة التركية)، من منشورات أبحاث الثقافة التركية، أنقرة 1968، العدد 68، أيلول (سبتمبر)، 1968
27-جواد نجيب اوغلو، قدسي زادة زكي ومدني (باللغة التركية)، فضولي - العدد 3 - 4، شباط 1958 .
28-عطا ترزي باشي، تاريخ الصحافة في كركوك (باللغة التركية)، كتاب يضم سلسلة مقالات لعديد من الكتاب الاتراك، استانبول، 1956 .
29-حبيب الهرمزي، تاريخ الصحافة التركمانية في العراق، مجلة قارداشلق –استانبول، ايلول 2001 .
30-انس ديمير، كتاب ميثاقي ملي في ضوء الوثائق الجديدة ، الأراضي التي لا غنى عنها (الرقة ، تل الابيض راس العين عين العرب ادلب حلب اعزاز جرابلس دير الزور سنجار تلعفر زاخو2017.
31-اسكان العشائر في عهد الامبراطورية العثمانية / جنكيز أورهونلو،:ترجمة فاروق زكي مصطفى. 2005 .
32-جولة في تاريخ الترك والتركمان عبر العصور واألزمان. ج1 إعداد الباحث. طارق إسماعيل كاخيا 2015 .
33-كتاب دمشق لؤلؤة الشرق وملكته، من تأليف جيرار دوجرج. عرض وتلخيص السيد محمود الزيباوي في ملحق جريدة النهار البيروتية .
34-د. وديع بشور كتاب أضواء على حرب الفرنج و التركمان.
35-دراسة : التركمان مكوّن بلا حقوق ..حسين جلوب الساعدي رئيس مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية.
36-تاريخ دول الاتراك في عهد السلجوقي : الدكتور حسين امين .
37-كتاب جولة سريعة في تاريخ الأتراك والتركمان قبل اٌسلام وبعده من تأليف د.أسامة التركماني.
38-عيون الزمان على من سكن جولان من عشائر التركمان – للباحث التركماني محمد خير عيد.
39-نهر الذهب في تاريخ حلب – كامل الغزي .
40-مدخل إلى التاريخ التركي – يلماز أوزطونا – ترجمة أرشد هرمزي .
41-النفحة المسكية في تاريخ الدولة التركية في مصر- مخطوطة في جامعة كمبردج لندن .
41-دراسة ... التركمان حكاية شعب عريق التي لم تحكى بعد ...مدونة الدكتورمختار فاتح بي ديلي على موقع الكتابات.
41-كتاب أخبار إمبراطورية الكوك تورك من مسلة طونيوقوق ,للباحث التركماني السوري هشام شعباني ,مطبعة التركماني : دمشق – حلبوني .
42-الأتراك في آسيا الوسطى.. ماذا اعتنقوا قبل الإسلام؟ أحمد زكريا .
43-مجلة تورك يوردو ، النضال القومي في الوثائق الرسمية مع المجتمعات الاسلامية الوطنية الخارجية (1919-1922). يوليو 2013 - العدد 311 .
44-الكاتب التركي احمد امين داغ كتاب من عصر الامويين الى الربيع العربي تركمان حلب 2015 .
45-سورية والانتداب الفرنسي، يوسف الحكيم، دار النهار، بيروت 1983 .
46-المرأة التركمانية – للباحث التركماني محمد خير عيد (دمشق) .
47-السومريون تركمان من الازل للكاتب عباس احمد
48-التاريخ المشرق والتركمان للكاتب عباس احمد المنشور في موقع نحن التركمان الكتروني.
49-الأوغوزنامة: حكايات الجد قورقوت - ملاحم من التراث الشعبي الأوغوزي (التركماني) الدتور مختار فاتح بي ديلي
50-قبيلة بي ديلي( بكديله.بيديلي.بجدله)التركمانية الاوغوزية د.مختار فاتح بي ديلي .
51-من هم قبائل اليوروك التركمانية ؟ د.مختار فاتح بي ديلي .
52-السومريون التركمان (اللغات والآداب السامية) بقلم: ديار الهرمزي .
53-التركمــــــان في بلاد الشام الدكتور مختارفاتح بي ديلي .
54-كتاب أخبار إمبراطورية الكوك تورك من مسلة طونيوقوق ,للباحث التركماني السوري هشام شعباني ,مطبعة التركماني : دمشق – حلبوني .
55-دراسة ..التركمان -(عرب التركمان) والأعراق المختلفة الأخرى في شرق المتوسط مختار فاتح بيديلي طبيب -باحث في الشأن التركي و أوراسيا.
56-مستشرق الروسي بارتولد، فاسيلي فلاديميروفتش، تاریخ الترك فی آسیا الوسطی، ترجمة: أحمد السعید سلیمان، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1996
 

DİĞER FOTOGRAFLAR
DİĞER FAALİYETLER
Suriyeli Türkmenler 17.01.2024 من قبائل الأوغوز: بيكديلي/بي ديلي/بجدله
                  من قبا

Suriyeli Türkmenler 17.01.2024 Bozgeyikli Dede Kimdir
                Bozgeyikli Dede Kimdir;   Asıl adı Yusuf Nurani Bozgeyik 1250(?)-1450(?) yılları

Suriyeli Türkmenler 09.08.2023 Oğuz /Türkmen Oymaklarının Listeleri
            Oğuz /Türkmen Oymaklarının Listeleri   Bu listelerdeki isimler Türkmen oymaklarının serüvenini daha iyi anlamak için gereklidir. Kayseri bölgesindeki Türkmen oymaklarını anlayabilmek için başta Maraş, Sivas, Yozgat ve Adana olma

Suriyeli Türkmenler 09.08.2023 Unutulan Filistin Oğuz Türkmenleri Dünü ve Bugünü yerleşim yerlerinin tarihî altyapısı.
                  Unutulan Filistin Oğuz Türkmenleri Dünü ve Bugünü yerleşim yerlerinin tarihî altyapısı.     &nb

Suriyeli Türkmenler 14.07.2023 زعيم قبائل التركمان في سوريا
         

Suriyeli Türkmenler 14.07.2023 التركمان في بلاد الشام
        التركمان في بلاد الشام

Suriyeli Türkmenler 27.01.2023 نحن شعب نتقدم باتجاه الموت من أجل الحياة
       

Suriyeli Türkmenler 21.01.2023 حب الوطن عطاء لا ينضب
               

Suriyeli Türkmenler 16.01.2023 أصل كلمة التركمان
        أصل كلمة التركمان  

Suriyeli Türkmenler 16.01.2023 Bir Annenin Sözleri : Üzerimdeki Abayamı yırttım kızımın yerine kendimi teklif ettim ve iki Şebbiha tecavüz kocamın gözü önünde etti.!!
                Bir Annenin Sözleri : Üzerimdeki Abayamı yırttım kızımın yerine kendimi teklif ettim ve iki Şebbiha tecavüz kocamın gözü önünde etti.!!  

Suriyeli Türkmenler 06.12.2022 !حرّاس ثغور الاقصى …تركمان فلسطين
               

Suriyeli Türkmenler 01.12.2022 Сирийские Tуркмены. Вчера, сегодня, завтра,
            Сирийские Tуркмены. Вчера, сегодня, зав

Suriyeli Türkmenler 11.10.2022 علاقة اللغة التركمانية باللغة التركية
                علاقة اللغة الت

Suriyeli Türkmenler 22.04.2022 Ərəb portalları Azərbaycanın unudulmuş mayakları barədə məqalə yayımlayıb
              Ərəb portalları Azərbaycanın unudulmuş mayakları barədə məqalə yayımlayıb   Qahirə, 21 aprel,&nbs

Suriyeli Türkmenler 22.04.2022 منارات أذربيجان المنسية التي تضيء شواطئ بحرخزر
              منارات أذربيجان ال

Suriyeli Türkmenler 15.03.2022 Suriye Halkının Onur ve Özgürlük Devrimi 11. Yılına Girdi
               

Suriyeli Türkmenler 19.02.2022 الرئيس التركماني بيردي محمدوف يعلن بأنه سيتنحى ع&#
            أمر رئيس تركمانستان قربان قو

Suriyeli Türkmenler 19.02.2022 وكالة أذرتاج الحكومية الأذربيجانية تنشر مقالة
                وكالة أذرتاج الحكومية ا&#

Suriyeli Türkmenler 16.02.2022 أذربيجان تحقق المشاريع الذكية في إعادة إعمار
              "أذربيجا

Suriyeli Türkmenler 11.02.2022 تركمـان العراق مأساة الاضطهاد فـي ظـل حكـم حـزب ا&
                       

Suriyeli Türkmenler 03.02.2022 محمد أمين رسول زاده ....العلم الذي رفرف مرة واحدة
              محمد أمين رسول

Suriyeli Türkmenler 10.01.2022 تركمانستان بلاد العشق..«بوابة الجحيم-إشعاع قره قوم
            تركمانستان بلاد الع&

Suriyeli Türkmenler 08.01.2022 Suriye’de Türk {Türkmen } Gerçeği Bin Yılı Aşkın Sürmekte Kesintisiz
        Suriye’de Türk {Türkmen } Gerçeği Bin Yılı Aşkın Sürmekte Kesintisiz   Dr. Muhtar Fatih BEYDİLİ    

Suriyeli Türkmenler 07.01.2022 دروس والعبر من الاحتجاجات الشعبية في كازاخستان
                 

Suriyeli Türkmenler 04.01.2022 Türkmen yazar, şair, araştırmacı Oraz YAĞMUR..“Gözlerim Türkiye’de Açıldı “
                Türkmen yazar, şair,

Suriyeli Türkmenler 27.12.2021 مجازر التي إرتكبها مسيحيي الأرمن ضد المسلمين في ا&
                  م&#

Suriyeli Türkmenler 08.12.2021 Siriya Türkmenleri
              SIRIÝA ТÜRKМЕNLЕRI Dr.Muhtar Fatih BEYDİLİ .

Suriyeli Türkmenler 11.11.2021 أذربيجان – لؤلوة القوقاز تحتفي بالذكرى الثلاثين ل&
      أذربيجان – لؤلوة القوقاز تحتفي بالذكرى الثلاثين لإع&

Suriyeli Türkmenler 07.10.2021 السادس أكتوبر ذكرى يوم الحداد الوطني التركماني
 السادس من أكتوبر ذكرى يوم الحداد الوطني التركماني في جمهورية تركمانستا

Suriyeli Türkmenler 27.09.2021 السابع والعشرين من سبتمبر اليوم الأول لتاريخ انت&#
           

Suriyeli Türkmenler 21.09.2021 Eskiden Türk Dendiği Zaman Zihinlerde Sadece Türkiye’de Yaşayanlar Vardı
                      Eskiden Türk Dendiği Zaman Zihinlerde Sa

Suriyeli Türkmenler 31.08.2021 30 Ağustos Zafer Bayramı
               

Suriyeli Türkmenler 31.08.2021 Туркмены жители оазиса Средней Азии-Сирийские
Туркмены жители оазиса Средней Азии-Сирийские туркмены

Suriyeli Türkmenler 24.06.2021 الزعيم الأذربيجاني الراحل الرئيس أبو الفضل إلجي &#
             

Suriyeli Türkmenler 19.06.2021 الأهمية الاستراتيجية لممر زانغازور بين أذربيجا
                        ال

Suriyeli Türkmenler 18.06.2021 أهمية“إعلان شوشة”وعودة تركيا إلى القوقازبعد 100عام
أهمية“إعلان شوشة”وعودة تركيا إلى منطقة القوقاز من جديد بعد 100 عام؟

Suriyeli Türkmenler 06.05.2021 عادات وتقاليد الزواج الاعراس لدى تركمان الباير
      عادات وتقاليد الزواج الاعراس لدى تركمان الباير والبوج

Suriyeli Türkmenler 04.05.2021 التركمان ... احفاد اوغوزخان من التعريب والتهميش وا 
          التركمان ... احفاد اوغوزخان من التعريب  

Suriyeli Türkmenler 17.04.2021 عيون الزمان لمـن سكـن الجولان مــــــن عشــائــ
كتاب عيون الزمان لمـن سكـن الجولان مــــــن عشــائـــر التــ&#

Suriyeli Türkmenler 13.04.2021 397 NUMARALI HALEB LİVÂSI MUFASSAL TAHRÎR DEFTERİ ( 943 / 1536 )
     T.C. BAŞBAKANLIK DEVLET ARŞİVLERİ GENEL MÜDÜRLÜĞÜ  Osmanlı Arşivi Daire Başkanlığı  397 NUMARALI HALEB LİVÂSI MUFASSAL TAHRÎR DEFTERİ ( 943 / 1536 )  

Suriyeli Türkmenler 03.04.2021 SURİYA TÜRKMƏNLƏRI CAN AZERBAYCANLA BİRLƏŞDİRƏN NƏDİR?
SURİYA TÜRKMƏNLƏRI CAN AZERBAYCANLA BİRLƏŞDİRƏN NƏDİR? Yazan:Dr.Muxtar Fatih BEYDİLİ. Türkmən Həkimləri Dərnəyinin sədri     Tü

Suriyeli Türkmenler 06.03.2021 GÖÇMEN SURİYE TÜRKMENLERİ
GÖÇMEN SURİYE TÜRKMENLERİ 7. ve 8. yy’dan beri Fırat ve Dicle’ye indikleri, Mezopotamya ve Anadolu’dan Suriye’ye göçtükleri, 9. ve 11. yy.dan bu yana Suriye coğrafyasında yaşadıkları bilinen 2010’teki tahminlere göre, Suriye nüfusu yaklaş

Suriyeli Türkmenler 19.02.2021 ثمن الحرية صار أغلى والجيل الحالي أكثر شجاعة
ثورة سوريا في عامها العاشر..تحول المشهد من طلب السوريين ل

Suriyeli Türkmenler 04.02.2021 ناغورني قره باغ بؤرة ساخنة عرضة للانفجار في أي وقت
  صراع لم يحسم هل سنرى جولات اخرى للمعارك في المستقبل؟

Suriyeli Türkmenler 03.02.2021 ملحمة بوزقورت (الذئب الأغبر ) الاسطورية للأتراك
ملحمة بوزقورت (الذئب الأغبر ) الاسطورية للأتراك

Suriyeli Türkmenler 03.02.2021 بالتصفيق الحار..ذهبت أنغيلا ميركل حزينا
  ذهبت ميركل حزينًا ... بقلم الدكتور مختار فاتح بي

Suriyeli Türkmenler 29.01.2021 ابطال تم نسيانهم ولم تُذكر أسماؤهم يريك فاطمة
    ابطالنا الذين تم نسيانهم &#

Suriyeli Türkmenler 25.01.2021 صدر العدد الجديد من مجلة الاخاء/قارداشلق
  صدر العدد الجديد من مجلة الاخاء/قارداشلق التي تصدر عن نادي ا

Suriyeli Türkmenler 22.01.2021 انتهى النزاع طويل الأمد بين الاشقاء في أذربيجان و&
    انتهى النزاع طويل الأمد بين الاشقاء في أذربيجان وتركمانس

Suriyeli Türkmenler 20.01.2021 مأساة «20 يناير الأسود» هي صفحة المجد والشجاعة
مأساة «20 يناير الأسود» هي صفحة المجد والشجاعة في تاريخ أتراك أذ