BLOG
07.01.2022 - دروس والعبر من الاحتجاجات الشعبية في كازاخستان |
الدروس والعبر من مظاهرات والاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة في كازاخستان.
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
طبيب – خبير بالشأن التركي وأوراسيا
جمهوريات أسيا الوسطى الناطقة باللغة التركية الخمسة التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي السابق احيانا يخلط الكثيرون فيما بينها، بسبب قربها فيما بينها وتشابه نهاية أسمائها . ولكن هناك تتباين بين هذه الدول في درجات نموها وطبيعة أنظمتها السياسية ومدى استقرارها الداخلي ونوعية التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها منذ نشأتها واستقلالها عن الاتحاد السوفيتي السابق قرابة 30 عاما.
طبعا تبدو جمهورية كازاخستان التي هي الأكبر مساحة والأكثر نموا وتميزا لجهة النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي والاجتماعي . عدد سكان كازاخستان 20 مليون تقريبا تحدها كازاخستان روسيا من الشمال والصين شرقا. إنها بلاد شاسعة تساوي مساحتها أوروبا الغربية كلها. وتحجب بمساحتها بقية جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا في آسيا الوسطى, أهميتها تحتوي على ثروات طبيعية هائلة، من بينها 3 في المئة من احتياطي النفط العالمي، فضلا عن الفحم والغاز.
أهمية كازاخستان في المنطقة يـُعزى إلى ثروات البلاد الكثيرة من النفط والغاز الطبيعي والمعادن والفحم معطوفا على ما ورثته من الاتحاد السوفياتي في مجالات التصنيع والعلوم والكوادر الوطنية المدربة ونسبة المتعلمين في البلد 95% من السكان، والعامل الثاني القبضة الصارمة لمؤسس الجمهورية الحديثة رئيسها الاول لكازاخستان بعد الاستقلال «نور سلطان نزارباييف» الذي تولى القيادة في 1990 ثم أعيد إنتخابه مرارا الى ان سلم السلطة الرئاسية الى الرئيس الحالي توكاييف.
في الدول الغربية يوصف الرئيس السابق نزارباييف بالديكتاتور، وينعت نظامه بالفاسد، لكن ما يميز الرئيس نزارباييف أنه سلك إلى حد ما مسلك المستبد العادل الذي قد يقسو لكن بهدف حماية بلاده ومواطنيه من الفوضى، وقد يستفيد شخصيا من بعض ثروات البلاد لكن يستثمر الكثير منها بالتزامن في رفاهية شعبه ونهضة بلاده.
وحوّل عاصمته الجديدة (أستانا- نورسلطان ) إلى مدينة تستضيف المؤتمرات والقمم والمنتديات الاقليمية والدولية، فذاع صيتها في العالم . ونقل بلاده إلى مصاف الدول المحترمة في المجتمع الدولي بموافقته الطوعية على التخلص من ترسانته النووية الضخمة المتبقية من زمن الاتحاد السوفيتي .
من هنا نجحت كازاخستان، على العكس من جاراتها ، في عملية المفاضلة بين الأمن والرخاء في مواجهة الديمقراطية والحريات، فصارت تتمتع بمناخ سياسي مستقر يصاحبه نمو اقتصادي مستمر، ونجحت كازاخستان في جذب الاستثمارات على الساحتين الاقليمية والدولية. مؤخرا بعد قرار الرئيس التنازل عن جزء من صلاحياته للبرلمان والحكومة في خطوة فاجأت المراقبين المحليين والدوليين .
ولكن البعض رأى في القرار محاولة من الرئيس للتهرب من المسؤولية وتحميلها للحكومة والبرلمان. وهذا ماحصل بالفعل في الاضطرابات الاخيرة حيث قال الرئيس قاسم جومارت توكاييف، إن الحكومة تتحمل الذنب الاكبر بشكل خاص عن اندلاع الاحتجاجات في عموم البلاد مؤخرا. وفيما يبدو محاولة لامتصاص غضب الشارع وعدم تمدد الاحتجاجات لمناطق جديدة، قدمت الحكومة استقالتها للرئيس قاسم جومرات توكاييف الذي كلف في المقابل علي خان إسماعيلوف، نائب رئيس الوزراء، بتصريف الأعمال ريثما يتم تشكيل حكومة جديدة.
أشار توكاييف، إلى أن ذنب الحكومة، يكمن في أنها سمحت بانفلات الوضع المتعلق بالاحتجاج على ارتفاع أسعار الغاز المسال ومن جهته أعلنت الشرطة في المدن الكازاخية التي اندلعت فيها الاحتجاجات أنها اعتقلت أكثر من مئتي شخص في الاحتجاجات التي هزت مدنا عدة في الدولة بسبب ارتفاع أسعار الغاز والمواد الغذائية الضرورية.لكن الحدث الأبرز كان إعلان توكاييف، في خطاب عاجل للأمة، ترؤسه لمجلس أمن الجمهورية والذي شغله قبل ذلك الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف، فضلا عن إعلان حالة الطوارئ في البلاد.
إن عدم الرضا من الوضع المعيشي والسياسي والاجتماعي الحالي في كازاخستان ودخول البلاد للعام الجديد 2022 بـثورة "تحت الرماد" نتيجة ارتفاع الأسعار الغاز والمواد الغذائية ، وتسبب ذلك في الكثير من أعمال الشغب وتخريب الممتلكات العامة والخاصة في مناطق الاحتجاجات . خلال ذلك اعتذر الرئيس الكازاخي توكاييف من الشعب، وأعاد الزيادة المزمع رفعها في اسعار الغاز إلى الوضع السابق .ويعتبر كثير من الخبراء أن الاحتجاجات نتيجة مشاكل اجتماعية واقتصادية عميقة، وأن الاحتجاج على ارتفاع أسعار الوقود ليس سوى ذريعة للتعبير عن عدم الرضا عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المتدهور في البلد وما ان هتافات المحتجين “شال كيت!”اي ان “العجوز يجب أن يرحل!” يقصد هنا الرئيس السابق نور سلطان نزار باييف على شفاه المتظاهرين في جميع أنحاء كازاخستان دليل على الاحتقان الشعبي الشديد من الطاقم القديم للسلطات الكازاخية وافراد اسرتهم وحاشيتهم .ويدرك الشعب في البلاد أن توكاييف هو مجرد حجر شطرنج بيد نزار باييف وأنه ليس لديه أي سلطة سياسية ونفوذ داخل البلاد.الحاكم الفعلي لاستانه او لنور سلطان هم أفراد عائلة وبنات نزار باييف ، حيث ان صهر نزار باييف رجل الاعمال تيمور كوليباييف يحتكر كل قطاع من قطاعات الاقتصاد والمال ، وخاصة النفط والغاز ،والجميع يدرك أن الاحتكار وراء ارتفاع الأسعار هو صهر الرئيس نزار باييف لذلك الشعب سئم منهم منذ ثلاثين عاما تقريبا .. فقد جرت الاحتجاجات في مدن لم تحدث فيها زيادة بأسعار الغاز نعم الشعب في كازاخستان ليس في قمة الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية ولا ينعمون بالحريات السياسية كما يجب ان تكون ولكنهم هم الافضل من بين دول اسيا الوسطى مثلا لن تجد كازاخيا يعمل في الاسواق الشعبية في موسكو ولا في استانبول ولكن تجدهم رجال اعمال في الكثير من العواصم العالمية هذا ان دل يدل على انهم ينعمون بالرفاهية الاقتصادية في بلدهم وان كانت ذلك جزئيا .
جذور الأزمة الاحتجاجات الشعبية في كازاخستان ..
طبعا أنا على يقين من أن الأحداث لن تنتهي بهذا الشكل في كازاخستان وأن مخاطر أكبر تنتظر جمهورية كازاخستان لان هناك ايادي خارجية لاتريد الاستقرار لجمهوريات التركية في اسيا الوسطى. ولن تكون من السهل أبدا أن تهدأ أمة انتفضت ضد حكومته ووقفت مجرد تقديم الاستقالة للحكومة الفسادة.
كانت الحكومة الكازاخية تتخذ خطوات في رفع الاسعار الغاز والمواد الاولية دون النظر للوضع المادي والمعيشي الحقيقي للشعب وتفكر الحكومة بأنها ستستمر على هذا النحو من دون ردود شعبية ضد قراراتها الظالمة.
من ناحية اخرى رغم خروج نزارباييف من السلطة عقب احتجاجات 2019 واستقالته من منصبه في مارس/آذار 2019، والتي تعتبر شكلية، لم تحدث عملية "إعادة ضبط" سياسية في البلاد.ولكن ما زال كل شيء بيد الرئيس السابق نزارباييف، يوصف المعارضين الرئيس الحالي بـ "العشيقة المحرومة" للرئيس نزارباييف او يوصفون نزار باييف بالعجوز حسب تعبير معارضين- وهو ما يفسر مطالب المتظاهرين حاليا بعدم إقالة الرئيس بقدر ما يطالبون بإخراج الرئيس السابق نزارباييف نفسه من النظام السياسي الكازاخي..
ولكن القشة التي قصمت ظهر البعير في سبب اندلاع الاحتجاجات في عدة مدن كازاخية وجود فساد واسع النطاق ضمن اركان الدولة من اعلى الهرم في الحكومة فحسب تقارير محلية ودولية مستقلة فقد كان هناك ما يكفي لتقديم المساعدات للسكان، من أرباح النفط وعوائده الهائلة على الخزينة بشكل كافي ، ولكن على يبدو بأن السلطات لم تعر لهذا الأمر أهمية كافية.
فالزيادة بأسعار وقود الغاز هي مجرد محرك أما بشكل عام، فتشهد الأسعار ارتفاعات طالت كل شيء في البلاد ارتفعت أسعار البنزين والديزل مرتين تقريبا، مع زيادة أسعار الكهرباء والمواد الغذائية،بما فيها السلع الأساسية، فأسعارها آخذة في الازدياد بشكل يومي مع انخفاض مستوى المعيشي للسكان المحليين ذوي الدخل المحدود.
نظرا لسرعة انتقال الاحتجاجات للمناطق وكافة المدن، والتغطية الإعلامية المباشرة لها، وأعمال العنف التي تصفها السلطات بـالمنظمة بما فيها حرق مقر الحزب الحاكم ومقر الادعاء العام في مدينة المااتا العاصمة التجارية للبلاد، فضلا عن تمكن المتظاهرين في حالات كثيرة من نزع الأسلحة النارية والدروع والهراوات من رجال الشرطة وبتحليل الاحداث الجارية وخاصة بعد يوم الرابع من الاحتجاجات السلمية التي هي حق تكفله القوانيين الدولية للتظاهر السلمي للتعبير عن وضع اجتماعي او سياسي او اقتصادي ولكن عندما بدأ المحتجون يستخدمون العنف المرفض ضد قوات الشرطة من جهة وبحرق الممتلكات العامة والخاصة يمكننا وصف بوجود قوى محلية منظمة مدعومة خارجيا تقف وراء اندلاع الاحتجاجات.
هنا السؤال هل نستطيع ربط الصراع الجيوسياسي بين روسيا والغرب وخاصة بالنسبة للولايات المتحدة ونظرية السيناريو الأوكراني، طبعا في غمرة انشغال الرئيس الروسي بالأوضاع في أوكرانيا، والتوترات المحتدمة مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، في ظل الاتهامات له بالتحضير لحرب ضد كييف، جاءت الصدمة لسيد الكرملين من مكان آخر، يُعتبر بمثابة الحديقة الخلفية لروسيا، وتعد كازاخستان هي الجائزة الأكثر قيمة في هذه المنطقةالاستراتجية . طبعا في حال تمت السيطرة على السلطة في كازاخستان من قبل المعارضة اليبرالية ذات توجه غربي،عندها ستكون دول آسيا الوسطى بأكملها تحت السيطرة الغربية، وتكون الضربه القاصمة للتحالف الروسي والصين في الشرق.
المراقب للوضع والشأن الكازاخي يرى إن النخبة المعارضة الكازاخستانية الحالية بكافة اطيافها درست بالجامعات الغربية وخاصة البريطانية، لذلك لابد من القول بوجود كثير من وكلاء النفوذ والتأثير ممن يسعون لتعزيز التكامل كازاخستان متعدد الأوجه مع الاتحاد الأوروبي،على حساب العلاقات مع موسكو التاريخية وتوسع ظاهرة الروس فوبيا التي بدأت في كازاخستان عمليا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
ومن جهة اخرى تتمتع كازاخستان بعلاقات مميزة مع الشقيقة تركيا الخصم القوي للاتحاد الروسي في بلدان آسيا الوسطى الناطقة بالتركية وهذا مايزعج الجانب الروسي بشكل أو بأخر وأن كان سيد الكرملين بوتين لايتحدث بشكل علني عن هذا بشكل واضح وصريح .ونجد عند توفر كل المعطيات على الارض نرى الموضوع هو تقويض "منظمة الدول التركية" او الاتحاد التركي الذي أنشئ قبل أشهر والامور اصبحت واضحة بشكل علني حسب تصريحات بعض المسؤولين الروس أعضاء في مجلس الدوما الروسي وكذلك حسب تحليلات المحللين السياسيين الروس ووسائل اعلامهم الرسمية والخاصة .
ولكن المتابع للاحداث والتطورات للوضع في أسيا الوسطى بشكل عام وكازاخستان بشكل خاص يجد بأن كازاخستان لاعتبارات سياسية واقتصادية وتاريخية موضوعية في أمس الحاجة لروسيا والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وروسيا الاتحادية، وعلى الرغم من المخاطر الكبيرة على حديقته الخلفية كازاخستان، فإنها في المقابل ستحقق مكاسب إضافية بسبب الاحتجاجات الشعبية في كازاخستان،في حال تجاوز كازاخستان ازمتها الحالية بسرعة اذا استخدمت السلطات القوة المفرطة وان لم تستطع تجاوز محنتها ,حينها ستضطر السلطات في الكازاخستان إلى الارتماء أكثر في حضن روسيا، كي تتدخل لمساعدتها في حل الازمة الحالية وهذا مايريده طبعا الجانب الروسي وان كان الروس يصرحون بان السلطات في كازاخستان هم سيحلون مشاكلهم الداخلية بمفردهم دون تدخل اطراف خارجية.
وبطلب من الرئيس الكازاخي قاسم توكاييف وصلت نحو 2500 جندي روسي كما هو مخطط حسب رايي المراقبين للوضع هناك تلبية لطلب من رئيس البلاد، وسط استمرار حملة قمع عنيفة ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة عن تزايد عدد القتلى بين المحتجين وعناصر الشرطة.
تقول منظمة معاهدة الأمن الجماعي، إن القوات هي قوة لحفظ السلام وسوف تتولى مهام حماية منشآت الدولة والمنشآت العسكرية، وأضافت أن القوات ستبقى في البلاد لعدة أيام أو أسابيع.
ومن جهة اخرى تخشى اطراف كثيرة من المجتمع الكازاخي وخاصة القوميين والمعارضة الكازاخية في الداخل والخارج،من تكرار سيناريوهات شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا وأوسيتيا الجنوبية حيث توجد أقليات روسية فيها. وكانت هناك مطالبات من قبل كتاب وسياسيون وبرلمانيون روس بضم المدن الروسية التي باتت وراء الحدود الروسية في داخل كازاخستان، بدءاً من أورالسكا حتى أوست كاونغورسك مدينتان في شمال كازاخستان والتي يجب أن تصبح تابعة لروسيا وضمن حدودها.
وبدوره، يكرر السياسي الروسي اليهودي، فلاديمير جيرينوفسكي، عضو الدوما ورئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي، دعواته إلى ضمّ كل آسيا الوسطى وتحويلها إلى مقاطعة آسيا الوسطى الروسية.
يجب أن تفهم السلطات في كل الجمهوريات أسيا الوسطى بأن الوضع في بلدانهم أكثر تعقيدا من كازاخستان ويجب أن تتخذ تدابير وقائية بشأن الزيادات الأخيرة في الأسعار المواد الاولية وكذلك الغاز والنفط . يجب أن يعرف الجميع أن عدم الرضا الشعبي التي يمكن ان تحدث في تلك البلدان لن ينتهي أبدا كما في كازاخستان وستكون له عواقب أشد.
الان في هناك في بعض المدن كازاخستان اعلنت حالة طوارئ في البلاد تم فرض قيود على حرية التنقل بما في ذلك المركبات الخاصة.هناك احتجاجات حاشدة واشتباكات مع الشرطة ونزول المدرعات الى الشوارع وهناك إطلاق النار في بعض عشوائي من قبل بعض الدخلاء والمخربين واحرقت سيارات الشرطة واطلقت الغازات المسيله للدموع وقطعت الإنترنت وحجبت مواقع التواصل الاجتماعي كل هذا كان نتيجة زيادة حادة في الاسعار الغاز من 60 تنغة إلى 120 تنغة وكذلك كانت هناك ارتفاع حاد في اسعار المواد الاولية.
في البداية قال رئيس كازاخستان توكاييف إن السلطات لن يتراجع من قراره وحث الجميع على التحلي بالحكمة والهدوء. رداً على ذلك، قام المتظاهرين بحرق سيارات الشرطة ورشقوا سيارات ومصفحات الامن الخاص الأومون المصفحة بالحجارة وقنابل المولوتوف وحرق قسم الكبير منها.
هنا لابد من القول إذا كانت دول المجاورة مهتمة بتدهور الوضع في كازاخستان، فلا بد من أخذ كافة التدابير الوقائية . طبعا هذا الامر ينطبق على كافة البلدان المنطقة مثلا إذا أخذنا في الحسبان أن التركيبة العرقية والجغرافية لأذربيجان هي معقدة على عكس كازاخستان، يمكن أن يكون حجم الخطر أكثر وكذلك في اوزبكستان وقيرقزستان وتركمانستان.
لهذه المنطقة أهمية الاستراتيجية حيث تحتل هذه المنطقة موقعًا جغرافيًا مهمًا وحساسًا؛ إذ تقع بين الصين وروسيا وأفغانستان وإيران وعلى مقربة من الخليج العربي وتركيا القوة الاقتصادية الصاعدة، كما أنها محل اهتمام القوى العالمية والإقليمية الأخرى مثل أميركا والهند وذلك للأسباب عديدة منها الذخائر الضخمة للمعادن والنفط والغاز الطبيعي والفحم، وتصل احتياطيات الجمهوريات التركية في آسيا الوسطى والقوقاز من الغاز الطبيعي إلى 34% من الإجمالي العالمي، وتقع أكبر الاكتشافات في أذربيجان وتركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان، كما أن هذه المنطقة تحتوي على حوالي 27% من إجمالي احتياطيات النفط العالمي، وتقع أغلب هذه الذخائر في كازاخستان وأذربيجان وتركمانستان.
وأن طاجيكستان وحدها تملك منابع ضخمة للمياه فإنها تملك 60% من منابع المياه في آسيا الوسطى،هذا بالإضافة للذخائر الضخمة للمعادن والمنتجات الأخرى التي تنتجها هذه الدول في مزارعها من القطن وغيرها. كذلك ورثت دول أسيا الوسطى منشآت ضخمة للصناعات العسكرية الثقيلة والخفيفة من الاتحاد السوفيتي بعد تفككه، وكانت أوزبكستان من المراكز الصناعية والزراعية المهمة، وورثت كازاخستان 104 صواريخ بالستية من نوع (SS-19) مع أكثر من ألف رأس نووي، بالإضافة إلى مركز "بايكو نور" الفضائي لإطلاق الصواريخ، ومركز "سيمبالاتينسك" لاختبار الأسلحة النووية اللذين ورثتهما من الاتحاد السوفيتي.
تملك هذه الدول قاعدة ضخمة وكبيرة من العلماء والمتخصصين في كثير من المجالات الحيوية، منها الفيزياء والكيمياء وصناعات الأسلحة بأنواعها.
وبسبب هذه الأهمية الاقتصادية لمنطقة اسيا الوسطى كانت هذه الدول محل تنافس بين اللاعبين الدوليين ؛ فأميركا تسعى لبسط نفوذها، وروسيا تحاول أن تبقيها تدور في فلكها كما كانت في الحقب الماضية، وتسعى الصين أن تدخل بشركاتها العملاقة وكذلك الهند وإيران وتركيا وغيرها من الدول.
|