BLOG
11.10.2022 - علاقة اللغة التركمانية باللغة التركية |
![]()
علاقة اللغة التركمانية باللغة التركية الدكتور مختار فاتح بي ديلي باحث في الشان التركي وأوراسيا
تمتلك الأمة التركية تاريخًا يمتد لآلاف السنين، وقد حكمت على مدى تاريخها الطويل مناطق واسعة في قارات العالم القديم (آسيا وأوروبا وأفريقيا)، وأثرت وتأثرت ثقافيًا واجتماعيًا بالشعوب التي تقاسمت معها الأرض والدولة، ما أثرى ثقافتها وأكسبها كثيرًا من التنوع. بدأت اللغة التركمانية باستخدام الأبجدية الأورخونية، وهي أبجدية تركمانية محضة، ما بين أعوام 200 قبل الميلاد وحتى القرن العاشر الميلادي.
يُشبه المعنيون علاقة اللغة التركمانية باللغة التركية، كعلاقة اللهجة السورية او العراقية بالعربية الفصحى، حيث يرون أن التركمانية والتركية قريبتان جدا من بعضهما البعض ، إلا أن الظروف الجغرافية والتاريخية للمتحدثين بكلٍ منهما عمقت الفروق بينهما، لا سيما عدد الأحرف وتصريف الأفعال والمفردات والألفاظ.
ثم أُضيف فرقاً كبيراً عندما تخلى الأتراك عن الكتابة بالأحرف العربية (العثمانية) وتبنوا الكتابة اللاتينية عام 1928 بعد تاسيس الجمهورية التركية الحديثة .
اذا نظرنا في الأصل اللغة التركمانية والتركية والاذربيجانية والاوزبكية والكازاخية وحتى لهجات شعوب اسيا الوسطى وسيبيريا من الطاي ويقوتيا وتتارستان وباشقورستان وجوفاش واتراك الغاغاوز في مولدوفا واتراك القشقاي في ايران فهي لغة واحدة بجذورها الاورخونية القديمة، والفرق في اللهجات لا أكثر، ولهذا نجد لغة أذربيجان أقرب إلى لهجات تركمان العراق وسوريا , الاحرف والأبجدية الأورخونية وكتاب ديوان اللغات للكشغري اكبر دليل حيث فيها الشرح المفصل باساسيات وقواعد اللغة التركمانية او التركية القديمة منذ نشاتها .
![]() ولكن تم أضافات الى اللغة التركية وأُدخل عليها تطورات وتحديثات من حيث القواعد والنحو وتغيير حروفها من العربية (العثمانية) إلى اللاتينية، أما لغة تركمان في سوريا والعراق واذربيجان وتركمانستان وبقية شعوب التركية المنتشرة في العالم فقد بقيت على حالها دون بضوابطها قواعدها القديمة.
تعد الأبجدية الأورخونية هي أبجدية تركية محضة، تتكون من 38 حرفاً، أربعة حروف منها صوتية، و34 صامتة بينها مجموعة من الأحرف المركبة، وأخرى للتثقيل والتخفيف دوّن من خلالها الأتراك تاريخهم ولغتهم وثقافتهم، منذ فجر التاريخ حتى اعتناقهم الدين الإسلامي وتبنيهم للحرف العربي في تدوينهم للغتهم بعد ذلك.وتتميز المسلات الأورخونية باحتوائها على معلومات تسلط الضوء وتميط اللثام عن العلاقات التي كانت تربط أباطرة الأتراك بدول الجوار كالصين، التي كانت بالنسبة لهم الجار اللدود آنذاك، إضافة إلى مخزون من عاداتهم وتقاليدهم وشرائعهم ومثيولوجياتهم التي كانت سائدة في ذلك العصر.
![]() في عهد دولة الـ "كوك تورك"، نُقِشَت الكثير من المسلات الأورخونية وكانت أهمها ثلاثة مسلات اورخونية حيث ان المسلتين وجدت فى جمهورية منغوليا، فيما وجدت الاخيرة فى أراضى جمهورية توفا،التي تقع في سيبيريا وهي إحدى الجمهوريات التركية ضمن روسيا الاتحادية، ، الأولى عرفت باسم "بيلكا خان" المولود عام 684، وهو ابن إمبراطور الكوك تورك "إيلتريش"، أي جامع الدولة ومنظمها. والثانية باسم شقيقه الأصغر "كول تكين"، الذي كان قائداً لجيوش الإمبراطورية التركية، والثالثة باسم "طونيوقوق"، الذي كان يشغل منصب كبير الوزراء.وتعتبر الكتابات الأورخونية والمسلات التي كتبت بها، وثيقة تاريخية مهمة تعبر عن عراقة اللغة التركمانية وماضيها المجيد، وتظهر النقوش والأحجار الأثرية التي احتضنت تلك الأبجدية عراقة الميراث اللغوي والأدبي لهذه اللغة وجذورها الضاربة عميقًا في صميم الحضارة الإنسانية.
![]() |