BLOG
14.01.2021 - الصداقة بين المثالية والواقعية في عالم السياسه |
الصداقة الصادقة بين المثالية والواقعية في عالم السياسة
هناك أسباب متعارف عليها لخسارة الأصدقاء والاقارب مثل الإهانة أو التجاوزات على حقوق البعض أو الملل وغيرها. لكن اليوم، هناك سبب جديد يدعو للقلق لأنه سريع النمو وحتى أنه يتحكم في بناء علاقات الصداقة الجديدة. طبعا هذا السبب هو خلاف في الاراء السياسية فيما بين الاصدقاء والاحبة والاقارب فالراي السياسي المخالف يؤدي الى القطيعة مع الاسف.
هذه أحد أهم الأسئلة المطروحة الان حول النقاشات والاراء السياسية على مواقع التواصل الاجتماعي الاختلاف في الراي السياسي تؤدي الى القطيعة حتى مع الاسف .... فالمشهد السياسي الآن في مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت الشغل الشاغل لجميع من يؤدي هذا وذاك... الشارع مقسوم الى نصفيين ما بين مؤيد ومعارض وتجد الانقسام في محيط الأسرة الواحدة وبين الأصدقاء وزملاء العمل، وتصل أحيانا الى حد القطيعة التامة بسبب الاحتداد الفظيع في الرأي حول الاحداث.
يرجع هذا الموقف برأيي الى انعدام ثقافة وعدم تقبل الرأي والرأي الأخـر التى لن تاتي بين عشية وضحاها.كل فرد يعتقد أنه هو فقط الصح في رأيه ولابد من أن ينتصر برأيه مهما كانت النتائج والمهم ألا يصل لفكره أنه انهزم رأيا وفكرا.
حيث ان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية والمشكلة هي ان الناس لا تدرك أن جوهر الخلاف هو في مصلحة الوطن والبلد. لا بد لنا جميعا أن نتقبل ونحتوي بعضنا البعض لكن المعضلة الحقيقية هي كيف نطبق ذلك واقعا وليس كلاما.
وتتكرر هذه الخلافات الودية منها والحادة على مواقع التواصل الاجتماعي عبر البوستات والبثوث المباشره ,التي تنتهي احيانا في اعتذار طرف لطرف آخر، وفي حالات قليلة تؤدي الى ازالة شخص لآخر من قائمة أصدقائه كما يفعل الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة على الفيس بوك.نشوب الخلافات على المواقع الاجتماعية بات أمرا طبيعيا لأن هذا المواقع أصبحت مثل غرف الصالات في البيت.
لذلك يمكن للصداقة أن تدوم بعيدا عن السياسة بشرط بسيط هو الامتناع عن الخوض في الموضوعات المثيرة للجدل، كما أن الخلاف السياسي يثير قدرا كبيرا من العداء والاستهزاء بين شخصين وقد يؤدي إلى انتهاء الصداقة بالفعل.
اليوم في العالم بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت السياسة جزءا من التفاصيل اليومية لحياة الناس وتؤثر على صداقاتهم وعلاقاتهم الاسرية وقراراتهم المختلفة، فمن المحتمل أن ميولك السياسي أصبحت لا تتطابق مع ميول وافكار أصدقائك. عندها في بعض الأحيان يؤدي ذلك إلى انتهاء العلاقة بينكم . لذلك ينبغي التعامل مع هذا الأمر بشكل مختلف قبل أن يخرج عن السيطرة وتخسر جميع من حولك.
كما في عالم السياسة مثالية وواقعية كذا الحال في عالم الصداقة، الأشخاص المثاليون والنرجسيون سيعانون في علاقاتهم الاجتماعية كما سيعانون في حياتهم السياسية، هؤلاء ما كانوا ليصدمهم الواقع لو تحلوا ببعض الواقعية وأطَلعوا على واقع العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وعلى تاريخ العلاقات الدولية وتجارب الشعوب وتقلبات الأحداث وقصص الأولين كقصة يوليوس قيصر في القرن الأول قبل الميلاد عندما خانه صديقه الوفي بروتوس وقال يوليوس قيصر مقولته الشهيرة (حتى أنت يا بروتس) ووقائع كثيرة غيرها.
سُئل حكيم كيف تعرف ود صديقك ؟
قال: من يحمل همي ويسأل عني ويغفر زلتي ويذكرني بربي. لذلك فعالم الصداقة كعالم السياسة متنوع ومنزلقاته كثيرة لذا يجب التعامل مع من تعتبرهم أصدقاء بحذر حتى لا يتم طعنك من الخلف كما تتعامل بحذر مع السياسة التي يقال عنها إنها لا تعرف صداقات دائمة ولا عداوات دائمة بل مصالح دائمة ومن يشتغل فيها قد يرتقي إلى أعلى المواقع وقد تؤدي به إلى مهاوي الردى.
لذلك نسأل هل يمكن أن تكون صديقا من لديه معتقدات سياسية مختلفة عنك ؟
كافة التجارب تقول:
اختر الشخص الثابت بمواقفه ولا يتغير حسب الظروف....
اختر الشخص المتميز برجاحة عقله ومنطقية فكره وابتعد عن الجاهل الذي سيؤذيك بجهله....
ابحث عن الإنسان الذي لا يخون عهدك ولا ينقض ودك والذي لديه إيمان صادق لأنه سيخاف الله فيك....
في النهاية هناك أصدقاء قد تجري معهم نقاشات رائعة حتى لو كنتم تختلفون بشكل أساسي في الاراء السياسة مع بعضكما البعض، هم فقط يهتمون بتأكيد وجهة نظرهم، ولا يخوضون كثيرا في الدفاع عنها، وهناك آخرون لديهم آراء قوية يهتمون بالمناقشات ولديهم الثقة الكافية للدفاع عن آرائهم، هؤلاء لا يحبذ الخوض معهم في مناقشات.يجب أن تفهم أنه عندما يختلف صديقك معك سياسيا، فأنت غير مضطر إلى إنهاء الصداقة، ولكن يمكنك وضع بعض الحدود التي تساعدك في تقييم الأمر، مثلا إذا كانت آراؤه السياسية تنتهك حقوق الإنسان الأساسية، فلك الحق في أن تقول سلاما وتبحث عن مخرج آمن. في الختام الاصدقاء يتشاجرون يومياً ويأتون اليوم الآخر وقد نسيوا زلات وأخطاء بعضهم، لأنّهم لا يستطيعون العيش دون بعضهم هذه هي الصداقة. فالصداقة ليست عهود وكلمات دون أفعال، وإنما تُقاس قوة الصداقة وقيمتها بالمواقف التي يؤديها كل صديق باتجاه صديقة، فأهم صفات الصداقة الحقيقية هي البذل والعطاء والتضحية، وهذه التضحية يجب أن تكون متبادلة فيتنازل كل صديق من أجل رفيقة مرة، والعلاقة التي تخلو من البذل والجهد لا خير فيها.
|